HASIL RUMUSAN
TENTANG KRITERIA WALI ADIL & FASIK
FORUM KAJIAN FIQIH ONLINE
DI TELEGRAM
Tanggal 03 Oktober 2018
Pertanyaan :
1. Bagaimanakah batasan wali yang 'adalah dan fasiq yang tidak bisa menjadi wali dalam nikah?
Jawaban :
1. ‘Adalah (adil) menurut ‘uruf ahli syara’ ialah karakteristik yang dapat mencegah dirinya melakukan dosa besar, selalu melakukan dosa kecil dan hal-hal remeh yang boleh, seperti berjalan keluar rumah tanpa alas kaki/tanpa tutup kepala, makan makanan yang bukan barang-barang pasar di pasar dan tidak menutup anggota badan selain ‘aurot.
Akan tetapi yang menjadi kriteria (batasan) ‘adalah yaitu tidak melakukan dosa besar atau selalu melakukan dosa kecil, selama perbuatan keta’atannya melebihi perbuatan kema’siatannya.
Apabila salah satu dari kriteria ‘adalah ini tidak terpenuhi, maka akan berstatus fasik yang akan menyebabkan tidak sah perwalian/persaksiannya dalam akad nikah.
Dan fatwa ulama muta’akhkhirin (pendapat Imam Malik, Imam Abu Hanifah dan banyak ulama) yang sudah di tashhih oleh Imam Ibnu Abdisshalah dan Imam Ghazali, boleh wali yang fasik menjadi perwalian dalam akad nikah, karena umumul balwa/dlarurot.
Referensi jawaban no. 1 :
فتح المعين وإعانة الطالبين - (ج 3 / ص 350)
(و) شرط (في الولي عدالة وحرية وتكليف) فلا ولاية لفاسق غير الامام الاعظم لان الفسق نقص يقدح في الشهادة فيمنع الولاية كالرق. هذا هو المذهب للخبر الصحيح لا نكاح إلا بولي مرشد أي عدل. وقال بعضهم: إنه يلي والذي اختاره النووي - كابن الصلاح والسبكي - ما أفتى به الغزالي من بقاء الولاية للفاسق حيث تنتقل لحاكم فاسق. ولو تاب الفاسق توبة صحيحة زوج حالا على ما اعتمده شيخنا كغيره، لكن الذي قاله الشيخان إنه لا يزوج إلا بعد الاستبراء، واعتمده السبكي.
(وقوله: عدالة) هذا شرط للولي المزوج بالولاية، أما المزوج بالملك فلا يشترط فيه. والمراد بالعدالة في حق الولي عدم الفسق، بخلافها في الشاهد فإن المراد بها ملكة في النفس تمنع من اقتراف الذنوب الكبائر والصغائر ومن الرذائل المباحة، كما تقدم، فحينئذ العدالة في حق الولي تشمل الواسطة وهي عدم الفسق مع عدم الملكة المذكورة، وتتحقق في الصبي إذا بلغ ولم يصدر منه كبيرة ولا صغيرة ولم يحصل له تلك الملكة، وفي الفاسق إذا تاب فإنهما يزوجان حالا.
إعانة الطالبين - (ج 3 / ص 343)
(قوله: وعدالة) هي تتحقق باجتناب كل كبيرة وإصرار على صغيرة على غلبة طاعاته على معاصيه. ولم يذكر المروءة مع أنه عدها في باب الشهادة ويمكن أن يقال إن العدالة تستلزمها بناء على أن العدالة في العرف ملكة تمنع من اقتراف الذنوب الكبائر وصغائر الخسة، كسرقة لقمة والتنظيف بثمرة، أي نقصها من البائع وزياداتها من المشتري، والرذائل المباحة كالمشي حافيا أو مكشوف الرأس وأكل غير سوقي في سوق.
حاشية البجيرمي على الخطيب - (ج 10 / ص 122)
( وَ ) السَّادِسُ ( الْعَدَالَةُ ) وَهِيَ مَلَكَةٌ فِي النَّفْسِ تَمْنَعُ مِنْ اقْتِرَافِ الذُّنُوبِ، وَلَوْ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ وَالرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةَ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِوَلِيٍّ فَاسِقٍ غَيْرِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مُجْبِرًا كَانَ أَمْ لَا فَسَقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَمْ لَا، أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ أَمْ لَا لِحَدِيثِ : { لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ } قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَالْمُرَادُ بِالْمُرْشِدِ الْعَدْلُ. وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَوْ سَلَبَ الْوِلَايَةَ لَانْتَقَلَتْ إلَى حَاكِمٍ فَاسِقٍ وُلِّيَ وَإِلَّا فَلَا، قَالَ : وَلَا سَبِيلَ إلَى الْفَتْوَى بِغَيْرِهِ إذْ الْفِسْقُ قَدْ عَمَّ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَالْأَوْجَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ لِلضَّرُورَةِ وَقَضَاؤُهُ نَافِذٌ، أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَا يَقْدَحُ فِسْقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ، فَعَلَيْهِ إنَّمَا يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ غَيْرُهُ كَبَنَاتِ غَيْرِهِ.
تَنْبِيهٌ : لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُزَوِّجُ اشْتِرَاطُ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ عَدْلًا؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً، فَإِنَّ الْعَدَالَةَ مَلَكَةٌ تَمْنَعُ صَاحِبَهَا مِمَّا مَرَّ، وَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَلَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ تِلْكَ الْمَلَكَةُ لَا عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ. وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْمَسْتُورَ يَلِي وَحَيْثُ مَنَعْنَا وِلَايَةَ الْفَاسِقِ فَقَالَ الْبَغَوِيّ : إذَا تَابَ زَوَّجَ فِي الْحَالِ وَوَجْهُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ، وَلَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا وَيَنْعَقِدُ بِمَسْتُورَيْ الْعَدَالَةِ وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا بِأَنْ عُرِفَتْ بِالْمُخَالَطَةِ دُونَ التَّزْكِيَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْقِدَ بِهِمَا الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا بِمَسْتُورَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِأَنْ يَكُونَا فِي مَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ وَالْأَحْرَارِ بِالْأَرِقَّاءِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ.
قَوْلُهُ : ( وَالْعَدَالَةُ ) مِنْ لَازِمِهَا الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا كَالْمِنْهَاجِ كَانَ كَافِيًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يُعْلَمُ نَصًّا وَمَا يُعْلَمُ الْتِزَامًا. فَإِنْ قِيلَ : هَذَا يُنَافِي انْعِقَادَهُ بِالْمَسْتُورَيْنِ قُلْت : لَا مُنَافَاةَ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرُّخْصَةِ أَوْ أَنَّ الِانْعِقَادَ بِالْعَدْلِ قَطْعًا، وَبِالْمَسْتُورِينَ عَلَى الصَّحِيحِ شَرْحُ م ر أ ج. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْوَلِيِّ عَدَمُ الْفِسْقِ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ وَاسِطَةً عَلَى كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ : ( وَهِيَ ) أَيْ الْعَدَالَةُ الَّتِي تُقْبَلُ مَعَهَا الشَّهَادَةُ، وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا إذَا كَانَ مَعَهَا مُرُوءَةٌ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ وَالرَّذَائِلُ الْمُبَاحَةُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُرُوءَةِ لَا مِنْ تَعْرِيفِ الْعَدَالَةِ.
قَوْلُهُ : ( مَلَكَةٌ ) أَيْ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ.
وَقَوْلُهُ : " تَمْنَعُ إلَخْ " أَيْ تَمْنَعُ مِنْ اقْتِرَافِ أَيْ ارْتِكَابِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ مَا ذُكِرَ، فَبِاقْتِرَافِ الْفَرْدِ مِنْ ذَلِكَ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ. أَمَّا صَغَائِرُ غَيْرِ الْخِسَّةِ كَكِذْبَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ضَرَرٌ وَنَظْرَةٌ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ الْمَنْعُ مِنْ اقْتِرَافِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا ا هـ م د وَغَيْرُهُ.
وَهَذَا يُنَاسِبُ عِبَارَةَ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَنَصُّهَا : مِنْ اقْتِرَافِ الْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ. وَهَذِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ صَغَائِرَ غَيْرِ الْخِسَّةِ مُخِلٌّ بِالْعَدَالَةِ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ : قَوْلُهُ : " مَلَكَةٌ " أَيْ كَيْفِيَّةٌ أَيْ صِفَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ، وَقَبْلَ رُسُوخِهَا تُسَمَّى حَالًا وَهَيْئَةً، وَهِيَ مِنْ مَقُولَةِ الْكَيْفِ.
قَوْلُهُ : ( وَلَوْ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ ) كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَالتَّطْفِيفِ بِتَمْرَةٍ، أَيْ نَقْصِهَا مِنْ الْبَائِعِ وَزِيَادَتِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ تَغْلِبْ طَاعَتُهُ.
قَوْلُهُ : ( وَالرَّذَائِلِ ) بِالْجَرِّ جَمْعُ رَذِيلَةٍ، وَهِيَ الْأَمْرُ الْمُسْتَحْسَنُ تَرْكُهُ كَمَشْيِ الْفَقِيهِ حَافِيًا أَوْ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الذُّنُوبِ، وَالرَّذَائِلُ الْمُبَاحَةُ لَا تُخِلُّ بِالْعَدَالَةِ بَلْ بِالْمُرُوءَةِ.
قَوْلُهُ : ( فَلَا يَنْعَقِدُ بِوَلِيٍّ فَاسِقٍ إلَخْ ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ ا هـ ق ل. وَلَوْ أَذِنَتْ لَهُ وَهُوَ عَدْلٌ ثُمَّ فَسَقَ ثُمَّ تَابَ فَقِيَاسُ مَا قِيلَ إنَّهَا أَوْ أَذِنَتْ لِلْقَاضِي فَعُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ احْتَاجَ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ لِبُطْلَانِ الْأَوَّلِ بِخُرُوجِهِ عَنْ الْوِلَايَةِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ ا هـ ع ش عَلَى م ر.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مَنْ يُرِيدُ الزَّوَاجَ يَأْخُذُ حَصِيرَ الْمَسْجِدِ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهَا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُرِيدُونَ الْعَقْدَ فِيهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُفَسِّقًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ اعْتِقَادُهُمْ إبَاحَةَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ، وَبِتَقْدِيرِ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَيُمْكِنُ أَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةٌ لَا يُوجِبُ فِسْقًا.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ أَيْضًا عَمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ لُبْسِ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ لِلشُّهُودِ وَالْوَلِيِّ هَلْ هُوَ مُفَسِّقٌ يُفْسِدُ الْعَقْدَ أَمْ لَا ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّهُودِ فَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْعَقْدَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ لَابِسِينَ ذَلِكَ، فَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّ فِيهِمْ اثْنَيْنِ سَالِمَيْنِ مِنْ ذَلِكَ اُعْتُدَّ بِشَهَادَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ حُضُورُهُمَا اتِّفَاقًا؛ وَأَمَّا فِي الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ إنْ اتَّفَقَ لُبْسُهُ لِذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ كَجَهْلِهِ بِالتَّحْرِيمِ، وَمَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ ا هـ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ : ( مُجْبِرًا كَانَ أَمْ لَا ) وَقِيلَ : يَكْفِي فِي الْمُجْبِرِ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ لِوُفُورِ شَفَقَةِ الْمُجْبِرِ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ.
قَوْلُهُ : ( فَسَقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَمْ لَا ) وَقِيلَ إنْ فَسَقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ ضَرَّ لِاخْتِلَالِ نَظَرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَقَ بِغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ : ( أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ أَمْ لَا ) وَقِيلَ إنْ أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ : ( لِحَدِيثِ إلَخْ ) يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَالْعَدَالَةِ، وَلِقَوْلِ الشَّارِحِ : فَلَا تَنْعَقِدُ بِوَلِيٍّ فَاسِقٍ.
قَوْلُهُ : ( لَوْ كَانَ ) أَيْ الْوَلِيُّ الْفَاسِقُ. وَقَوْلُهُ " وُلِّيَ " جَوَابُ " لَوْ " الْأُولَى، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ الْفَاسِقِ. وَقَوْلُهُ " لَانْتَقَلَتْ " جَوَابُ " لَوْ " الثَّانِيَةِ، وَجُمْلَتُهَا خَبَرُ " كَانَ ". وَقَوْلُهُ " وَإِلَّا " أَيْ بِأَنْ كَانَتْ تَنْتَقِلُ لِحَاكِمٍ عَادِلٍ فَلَا، أَيْ فَلَا يَلِي الْوَلِيُّ الْخَاصُّ الْفَاسِقُ بَلْ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ الْعَادِلِ.
قَوْلُهُ : ( إذْ الْفِسْقُ إلَخْ ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، إذْ لَا مَعْنَى لِلِانْتِقَالِ مِنْ فَاسِقٍ إلَى فَاسِقٍ.
قَوْلُهُ : ( وَالْأَوْجَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُزَوِّجُ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ سَلَبَ الْوِلَايَةَ لَانْتَقَلَتْ إلَى حَاكِمٍ فَاسِقٍ، أَوْ الْمُرَادُ بِإِطْلَاقِهِ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِي الْوَلِيِّ الْخَاصِّ مُطْلَقًا؛ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ فَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ لِلضَّرُورَةِ وَالضَّرُورَةُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا، فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ عِلَّةٌ لِمُقَدَّرٍ. وَحَاصِلُهُ إبْدَاءُ فَرْقٍ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوَلِيِّ بِمَا ذَكَرَ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَيُّ فَارِقٍ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ : " وَقَضَاؤُهُ نَافِذٌ " الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَهُ اسْتِطْرَادِيٌّ.
الفتاوى الفقهية الكبرى - (ج 8 / ص 310)
( وَسُئِلَ ) لَوْ تَابَ الْفَاسِقُ قُبَيْلَ الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَابَ الْوَلِيُّ فَمَا الْفَرْقُ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِقَوْلِهِ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الشَّاهِدِ اتِّصَافُهُ بِالْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَتَوَقَّف قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إنْ مَضَتْ عَلَيْهِ مِنْ تَوْبَتِهِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ وَهِيَ سَنَةٌ وَالشَّرْطُ فِي الْوَلِيِّ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الِاتِّصَافِ بِالْعَدَالَةِ وَبِالتَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ انْتَفَى الْفِسْقُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ انْتَفَى فِسْقُهُ وَارْتَكَبَ مَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ لَمْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ عَنْهُ بِخِلَافِ الشَّاهِد فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ انْتِفَاءِ فِسْقِهِ انْتِفَاءُ مَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ فَإِنْ قُلْت عَلَّلَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ جَوَازِ كَوْنِهِ شَاهِدًا بِأَنَّ التَّوْبَةَ تَصْدُرُ مِنْهُ عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ لَا عَلَى حَقِيقَتِهَا وَهُوَ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته قُلْت هَذَا التَّعْلِيلُ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَاسْتَوَى الْوَلِيُّ وَالشَّاهِدُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَنْعِ لِأَنَّ تَوْبَتَهُمَا إنْ صَحَّتْ بِأَنْ وَجَدَتْ شُرُوطَهَا اسْتَوَيَا فِي الْقَبُولِ وَإِلَّا اسْتَوَيَا فِي عَدَمِهِ بَلْ الْوَجْهُ مَا ذَكَرْته عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الشُّهُودِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَفِيهِ مَا فِيهِ .
فتاوى الرملي - (ج 5 / ص 423)
( سُئِلَ ) عَنْ الْأَصْلِ فِي النَّاسِ الْجَرْحُ أَوْ عَدَمُهُ ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَهَلْ يَشْمَلُ مَسْتُورَ الْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ أَمْ عَدَمَهَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُسْلِمِ عَدَمُ الْفِسْقِ فَيَشْمَلُ الْمَسْتُورَ ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الْعَدَالَةُ ، وَالْفِسْقُ وَالْعَدَالَةُ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ إذْ الْعَدَالَةُ مَلَكَةٌ تَحْمِلُ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى ، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ فَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَلَا حَصَلَتْ لَهُ تِلْكَ الْمَلَكَةُ عَدْلٌ ، وَالْفَاسِقُ إذَا تَابَ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْفِسْقُ بِالتَّوْبَةِ وَلَا يَكُونُ عَدْلًا حَتَّى تَحْصُلَ لَهُ تِلْكَ الْمَلَكَةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ يُحَصِّلُهَا وَوَلِيُّ النِّكَاحِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْفِسْقِ ، وَالْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ لَا يُحْكَمُ بِعَدَالَتِهِ حَتَّى يُخْتَبَرَ وَلَيْسَ بِفَاسِقٍ مَا لَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ كَبِيرَةٌ .
بغية المسترشدين للسيد باعلوي الحضرمي - (ص 415)
(مسألة: ك): يشترط في الولي عدم الفسق على الراجح، فإذا لم يصح عقده لم يصح توكيله لأنه فرعه، كوكيل وليّ أحرم موكله هذا في غير سيد الأمة، أما هو فيزوجها ويوكل ولو فاسقاً، لأن تزويجه لها بالملك لا بالولاية، كما أن الإمام الأعظم لا ينعزل بالفسق، فيزوّج بناته إذا لم يكن لهن وليّ خاص غيره كبنات غيره، ويوكل غيره الأهل لذلك، ولا تشترط العدالة في الولي مطلقاً، فلو تاب في المجلس توبة صحيحة زوّج في الحال، وإن كان وصف العدالة لا يثبت إلا بعد مضي سنة، نعم فيه إشكال من حيث إن من شروط التوبة ردّ المظالم وقضاء الصلوات، وقد لا يتمكن من ذلك فوراً مع قولهم زوج حالاً، لكن صرح (ع ش) بأن التوبة في حق الولي لا يشترط فيها قضاء نحو الصلاة، حيث وجدت شروط التوبة بأن غرم مصمماً على ردها، ويؤيده أن ما هنا أوسع بدليل أن الحرفة الدنيئة التي لا تليق بالولي لا تمنع تزويجه، وأن المستور يزوّج، وكذا الصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، ولم يصدر منهما مفسق اهـ. ونحوه في (ي) وزاد: والقول الثاني وهو الذي عليه عمل الناس منذ أزمنة، بل لا يسعهم إلا هو، وأفتى به المتأخرون، وصححه ابن عبد السلام والغزالي، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وجماعات أن الفاسق يلي مطلقاً، ومال إليه في التحفة فيما إذا كانت تنتقل إلى فاسق من بعيد وحاكم.
قَوْلُهُ : ( أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ : " غَيْرِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ " لَكِنْ يَكُونُ مُكَرَّرًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا تَقَدَّمَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ وَلِيٌّ فَاسِقٌ هَلْ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ أَوْ لَا ؟ وَهُنَا مَفْرُوضٌ فِي الْأَعَمِّ أَوْ عَدَمِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ بِالْمَرَّةِ، وَمِثْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ نَائِبُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ م ر، أَوْ الْمُرَادُ الْأَعْظَمُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ. وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُ الْآتِي : " فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامِلَةِ "؛ لِأَنَّ نَائِبَهُ وِلَايَتُهُ عَامَّةٌ فِي عُقُودِ النِّكَاحِ بِالنِّسْبَةِ لِنَاحِيَتِهِ، وَمَالَ م ر إلَى أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ بِغَيْرِ الْإِجْبَارِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ لَهُ فِي حَقِّهِنَّ غَيْرُ مَحْضَةٍ بِخِلَافِ بَنَاتِ غَيْرِهِ فَلَا يُزَوِّجُهُنَّ بِالْإِجْبَارِ، وَكَذَا لَا يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ بِغَيْرِ الْإِجْبَارِ مَعَ وُجُودِ وَلِيٍّ خَاصٍّ كَجَدٍّ أَوْ عَمٍّ أَوْ نَحْوِهِ فَيُقَدَّمُ الْجَدُّ.
قَوْلُهُ : ( فَعَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى كَوْنِهِ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ.
قَوْلُهُ : ( إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ ) فَإِنْ كَانَ فَلَا يُزَوِّجُ. وَهَذَا إذَا كَانَ فَاسِقًا، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ بِالْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ وَبِالْإِجْبَارِ إنْ كُنَّ مُجْبَرَاتٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فَاسِقًا وَآلَ الْأَمْرُ إلَيْهِ فِي تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبِرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي بَنَاتِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ لَا إجْبَارَ فِيهَا. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا م د : قَوْلُهُ : " إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ " أَيْ فَمَحَلُّ تَزْوِيجِهِ لِبَنَاتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ جَدٌّ أَوْ عَمٌّ أَوْ نَحْوُهُ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَالْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ بَنَاتِهِ لَوْ كُنَّ أَبْكَارًا لَمْ يَكُنْ لَهُ إجْبَارٌ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ لَا إجْبَارَ فِيهَا، لَكِنْ مَالَ م ر فِي غَيْرِ شَرْحِهِ لِتَزْوِيجِهِ بِالْإِجْبَارِ وَنَظَرَ فِيهِ سم : وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر، نَصُّهَا : وَلَوْ كُنَّ أَبْكَارًا هَلْ يُجْبِرُهُنَّ؛ لِأَنَّهُ أَبٌ جَازَ لَهُ التَّزْوِيجُ أَوْ لَا وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْذَانِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لَا الْخَاصَّةِ ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَالَ م ر لِلْأَوَّلِ اهـ سم عَلَى حَجّ؛ لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ خَاصٌّ الثَّانِي، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي تَزْوِيجِهِ فَقْدَ الْقَرِيبِ الْعَدْلِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا أَخٌ أَوْ نَحْوُهُ فَتَمَحَّضَ تَزْوِيجُهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي الْإِجْبَارَ بَلْ عَدَمَهُ.
قَوْلُهُ : ( كَبَنَاتِ غَيْرِهِ ) أَيْ فَإِنَّهُ أَعْنِي الْإِمَامَ لَا يُزَوِّجُهُنَّ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ لَهُنَّ.
قَوْلُهُ : ( تَنْبِيهٌ إلَخْ ) غَرَضُهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ فِي الشَّاهِدَيْنِ لَا الْوَلِيِّ ، بَلْ شَرْطُهُ عَدَمُ الْفِسْقِ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ وَاسِطَةً بَيْنَهُمَا؛ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلِيِّ مَا يَشْمَلُ الْوَاسِطَةَ.
قَوْلُهُ : ( لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُزَوِّجُ ) أَيْ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِوَلِيٍّ فَاسِقٍ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلِيُّ عَدْلًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَتْنِ حَيْثُ قَالَ : وَالْعَدَالَةُ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعَدَالَةَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْوَلِيِّ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ عَدَمُ الْفِسْقِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالْوَاسِطَةِ، فَاشْتِرَاطُ الْمُصَنِّفِ الْعَدَالَةَ فِي الْوَلِيِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ اهـ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ ق ل : قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ الْعَدَالَةَ فِي الْوَلِيِّ، وَلَا يَسْتَقِيمُ مَعَهُ؛ فَلَعَلَّهَا عِبَارَةُ غَيْرِهِ، فَذِكْرُهُ لَهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.
قَوْلُهُ : ( لَا عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا. قَالَ م د : وَاعْتَرَضَهُ ق ل، وَقَالَ : بَلْ هُوَ مَسْتُورُ الْعَدَالَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدِ إلَّا فِيمَا إذَا تَابَ الْوَلِيُّ زَوَّجَ حَالًا وَالظَّاهِرُ كَلَامُ الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ : ( وَقَدْ نَقَلَ إلَخْ ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَسْتُورَ مِنْ الْوَاسِطَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمَسْتُورُ هُوَ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ وَهُوَ فَرْقُ الْوَاسِطَةِ؛ وَحِينَئِذٍ فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، إلَّا أَنْ يُقَالَ : مُرَادُهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَسْتُورِ إلَّا أَنَّهُ قِيَاسُ أَدْنَى عَلَى أَعْلَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ مُتَّصِفٌ بِالْعَدَالَةِ وَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً وَالْأَوَّلُ لَا يُقَالُ لَهُ عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ، فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ إلَخْ التَّقْوِيَةَ لِمَا قَبْلَهُ وَقِيَاسُ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ : ( إذَا تَابَ زَوَّجَ فِي الْحَالِ ) وَلَوْ كَانَ فِسْقُهُ بِالْعَضْلِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَاسِطَةٌ لَا عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ.
قَوْلُهُ : ( لَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لَا الْعَدَالَةُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ نَعَمْ قَبُولُ الشَّهَادَةِ لَازِمٌ لِلْعَدَالَةِ، عَلَى أَنَّ قَبُولَ الشَّهَادَةِ شَامِلٌ لِلْمُرُوءَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِنَفْيِ الرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْوَلِيِّ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الْعَدَالَةُ، بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهِ الْعَدَالَةُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ سَنَةً بَعْدَ التَّوْبَةِ، فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَلِيَ وَلَا يَشْهَدَ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَابَ الْوَلِيُّ الْفَاسِقُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ حَالًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ، وَكَذَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا مُفَسِّقٌ يُزَوِّجَانِ وَلَا يَشْهَدَانِ لِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا أَوْ لِعَدَمِ الْمَلَكَةِ، فَفِي ذَلِكَ إثْبَاتُ الْوَاسِطَةِ بَيْنَ الْفِسْقِ وَالْعَدَالَةِ. وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأُسْتَاذِ الْبَكْرِيِّ أَنَّهُمَا يَتَّصِفَانِ بِالْعَدَالَةِ فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُمَا كَمَا نَقَلَهُ ح ل.
قَوْلُهُ : ( بِمَسْتُورَيْ الْعَدَالَةِ ) أَيْ عِنْدَ الزَّوْجَيْنِ، أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي الْمَهْرِ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا كَمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ فِي الْفَتَاوَى ا هـ م د.
قَوْلُهُ : ( وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا ) وَقِيلَ الْمَسْتُورُ هُوَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُفَسِّقٌ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الثَّانِي لِصِدْقِ الثَّانِي بِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ فِسْقٌ وَلَا طَاعَةٌ وَالْأَوَّلُ لَا يُصَدَّقُ بِهَذَا.
قَوْلُهُ : ( لَا بِمَسْتُورَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ ) كَأَنْ وُجِدَ لَقِيطٌ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ إسْلَامًا وَلَا رِقًّا فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَتِهِ، نَعَمْ لَوْ عُقِدَ بِهِمَا فَبَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ صَحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي. وَقَوْلُهُ : " وَالْحُرِّيَّةِ " الْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ : وَكَمَسْتُورِ الْإِسْلَامِ مَسْتُورَا الْبُلُوغِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ : فَلَوْ عَقَدَ بِمَجْهُولِ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ فَبَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا كَالْخُنْثَيَيْنِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ بِهِمَا إذَا بَانَا ذَكَرَيْنِ وَيُعْتَدُّ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ إنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ حُرٌّ أَوْ بَالِغٌ.
قَوْلُهُ : ( بِأَنْ يَكُونَا فِي مَوْضِعٍ إلَخْ ) أَيْ وَلَا غَالِبَ فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ، فَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ أَوْ الْأَحْرَارُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا الْآنَ مِنْ الظَّاهِرِ لَا مِنْ الْمَسْتُورِ اهـ ق ل.
قَوْلُهُ : ( لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِمَا بَاطِنًا ) لَيْسَ الْمُرَادُ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، بَلْ الْمُرَادُ الْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ.
قَوْلُهُ : ( عَلَى ذَلِكَ ) أَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ.
بغية المسترشدين للسيد باعلوي الحضرمي - (ص 416)
(مسألة: ش): الولي الذي قام به مانع من نحو صبا وخلل وحجر سفه، وكذا فسق على المعتمد من خلاف قويّ منتشر كالعدم، بناء على الأصح أن ذا المانع لا يسمى ولياً، فعليه لا يعتبر رضاه بغير الكفء مطلقاً، وقيل: يعتبر إن كان صحيح العبارة كسفيه وفاسق، لأن ذا المانع له ولاية متأخرة اهـ. وفي فتاوى أخرى له: فلا يعتبر رضاه أي من ذكر في الكفاءة إن كان مسلوب العبارة كصبي ومجنون على المعتمد، بخلاف ما لو كانت عبارته صحيحة كفاسق ومحجور سفه فيعتبر رضاه فيما يظهر وإن لم يل التزويج، وإذا قلنا بانتقال الولاية بأحد الموانع المذكورة فالأصح انتقالها للأبعد والثاني للحاكم، فالاحتياط أن تأذن لكل من الأبعد والحاكم ثم يوكل أحدهما الآخر.
الزواجر عن اقتراف الكبائر - (ج 3 / ص 290)
( الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ : إدْمَانُ صَغِيرَةٍ أَوْ صَغَائِرَ بِحَيْثُ تَغْلِبُ مَعَاصِيهِ طَاعَتَهُ ) وَكَوْنُ هَذَا كَبِيرَةً أَيْ مِثْلُهَا فِي سُقُوطِ الْعَدَالَةِ هُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ. وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ : قَالَ الْأَصْحَابُ يُعْتَبَرُ فِي الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ ، فَمَنْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً فَسَقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ، وَأَمَّا الصَّغَائِرُ فَلَا يُشْتَرَطُ تَجَنُّبُهَا بِالْكُلِّيَّةِ لَكِنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يُصِرَّ عَلَيْهَا فَإِنْ أَصَرَّ كَانَ الْإِصْرَارُ كَارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ ، وَأَمَّا الْإِصْرَارُ السَّالِبُ لِلْعَدَالَةِ أَهْوَ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الصَّغَائِرِ أَمْ الْإِكْثَارُ مِنْ الصَّغَائِرِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ ؟ مِنْهُمْ مَنْ يَفْهَمُ كَلَامَهُ الْأَوَّلَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْهَمُ كَلَامَهُ الثَّانِيَ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ : إنَّ مَنْ يَغْلِبُ طَاعَتُهُ مَعَاصِيَهُ كَانَ عَدْلًا وَمَنْ يَغْلِبُ مَعَاصِيَهُ طَاعَتَهُ كَانَ مَرْدُودَ الشَّهَادَةِ ، وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ قَرِيبٌ مِنْهُ ، وَإِذَا قُلْنَا بِهِ لَمْ تَضُرَّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ الصَّغَائِرِ إذَا غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ وَعَلَى الِاحْتِمَالَاتِ الْأُوَلِ تَضُرُّ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ الثَّانِي وَهُوَ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ. وَالْحَاصِلُ ؛ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ وِفَاقًا لِكَثِيرِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا تَضُرُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الصَّغَائِرِ وَلَا عَلَى أَنْوَاعٍ سَوَاءٌ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الصَّغِيرَةِ أَوْ الصَّغَائِرِ أَوْ مُكْثِرًا مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ حَيْثُ غَلَبَ الطَّاعَاتُ الْمَعَاصِيَ وَإِلَّا ضَرَّ ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا وَقَعَ لِلشَّيْخَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ آخَرَيْنِ مِنْ أَنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى الصَّغِيرَةِ تُصَيِّرُهَا أَيْ مِثْلَهَا فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ ، لَكِنَّ النَّوْعَ إنْ انْضَمَّ إلَيْهِ كَوْنُ طَاعَتِهِ لَمْ تَغْلِبْ مَعَاصِيَهُ ، وَوَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ تَقْرِيرٌ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ قَدْ يُخَالِفُ بَعْضَ مَا قَرَّرْته فَلَا تَغْتَرَّ بِهِ ، فَقَدْ اعْتَرَضَهُ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُمَا وَيُؤَيِّدُ مَا قَرَّرْنَاهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمَنْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ كَانَ عَدْلًا إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِ طَاعَاتِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَعَاصِي مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : الْمَذْهَبُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ النُّصُوصُ إنَّ مَنْ كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَوْ الْمَعْصِيَةَ وَخِلَافَ الْمُرُوءَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ ، فَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ بَعْضِهِمْ إنَّ الْعَضْلَ ثَلَاثًا كَبِيرَةٌ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ أَيْ أَوْ يُحْمَلُ كَمَا مَرَّ مَا إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ غَلَبَةُ الْمَعَاصِي. وَعِبَارَةُ الْعَبَّادِيِّ : حَدُّ الْفِسْقِ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ الْجَرْحُ أَنْ يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً أَوْ يَغْلِبَ صَغَائِرُهُ عَلَى طَاعَاتِهِ قَالَ : وَحَدُّ الْمُرُوءَةِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يَسْتَكْرِهُهُ النَّاسُ مِنْ مِثْلِهِ مِثْلُ الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْأَكْلِ أَوْ ضَيَّقَ عَلَيْهَا فِي الْمَلْبَسِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ.
حاشية الباجوري على ابن قاسم الغزي - (ج 2 / ص 103104-) شركة النور أسيا
(قوله الععدالة) هي لغة الإستقامة والإعتدال وعرفا ملكة في النفس تمنع من اقتراف الذنوب الكبائر وصغائر الخسة كسرقة لقمة وتطفيف ثمرة والرذائل الواسطة فالصبي إذابلغ ولم تصدر منه كبيرة ولم تصر على صغيرة ولم تحصل له تلك الملكة لا عدل ولا فاسق ومع ذلك يصح أن يكون وليا وكذلك الكافر إذا أسلم والفاسق إذا تاب فانه يزوج في الحال لأن الشرط في ولي النكاح عدم الفسق لا العدالة المتقدمة ويكتفي العدالة بالمستورة والظاهرة في الولي والشاهدين ولذلك نقل الإمام والغزالي الإتفاق على أن المستور يلي ولذلك أيضا ينعقد النكاح بمستوري العدالة وان كان العاقد بهما الحاكم على المعتمد وهما المعروفان بها طاهرا بسبب المخالطة من غير تزكية عند القاضي وقيل هما اللذان لم يطلع لهما على مفسق وعلى هذا فيكفي حضور شاهدين وان لم يعرفا بالمخالطة بأن يؤتى بهما من الطريق والحال أنهما غير معروفين لأن ظاهر المسلمين العدالة والفرق بين مستوري العدالة حيث اكتفى بهما وبين مستوري الإسلام أو الحرية حيث لم يكتف بهما أن الإسلام والحرية يسهل الوقوف عليهما باطنا بخلاف العدالة فلايسهل الإطلاع عليها باطنا.
(قوله فلايكون الولي فاسقا) وكذلك الشاهدان لايكون فاسقين فلاينعقد النكاح بشهادة فاسقين لأنه لايثبت بهما ولاينعقد بولي فاسق بأي نوع من أواع المحرمات كشرب الخمر والسرقة والزنا وترك الصلاة واخراجها عن وقتها سواء أعلن بفسقه أم لا لحديث لانكاح إلا بولي مرشد قال الشافعي رضي الله عنه والمراد بالمرشد العدل أي غير الفاسق وهذا في غير الإمام الأعظم أماهو فلايضر فسقه لأنه لاينعزل به فيزوج بناته وبنات غيره بالولاية العامة تفخيما لشانه ومحل ذلك ان لم يكن لهن ولي غيره وإلا قدم لأن الولاية الخاصة مقدمة على الولاية العامة ولوكان الولي فاسقا وكان بحيث لوسلب الولاية لانتقلت الى حاكم فاسق زوج الحاكم الفاسق لأنه يزوج مع فسقه بخلاف الولي الفاسق خلافا لماأفتى به الغزالي من أنه لاتنتقل الولاية بل يزوج الفاسق حينئذ قال ولاسبيل الى الفتوى بغيره لأن الفسق قدعم العباد والبلاد والأوجه الأول لأن الحاكم لاينعزل بالفسق بل ينفذ حكمه للضرورة.
ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْعِمَادِ قَالَ : مَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ يُصَيِّرُهَا كَبِيرَةً لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الرَّافِعِيُّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ الشَّاهِدَ يَفْسُقُ وَالتَّفْسِيقُ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَا عَنْ كَبِيرَةٍ ، فَقَدْ يَكُونَانِ عَنْ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ ، وَعَنْ صَغِيرَةٍ وَاحِدَةٍ يَعْظُمُ خَطَرُهَا كَقُبْلَةِ أَجْنَبِيَّةٍ بِحَضْرَةِ النَّاسِ اهـ وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَ فِي التَّفْسِيقِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى كَبِيرَةٍ بِخِلَافِ رَدِّ الشَّهَادَةِ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَنْ خَرْمِ مُرُوءَةٍ كَمَا فِي الْقُبْلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهَا كَبِيرَةً . وَأَمَّا تَمْثِيلُهُ بِالْإِصْرَارِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ عَقِبَ كَلَامِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ . قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَالرُّجُوعُ فِي الْغَلَبَةِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مُدَّةَ الْعُمْرِ فَالْمُسْتَقْبَلُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا ذَهَبَ بِالتَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ : لَيْسَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا يُمَحِّضُ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ ، فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى الرَّجُلِ الْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ ، فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ الْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الْمَعْصِيَةَ وَخِلَافَ الْمُرُوءَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ . قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الصَّغَائِرُ فَإِنَّ الْكَبِيرَةَ بِمُجَرَّدِهَا تُخْرِجُ عَنْ الْعَدَالَةِ ، وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ الطَّاعَةَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ شَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَعَدَمُ غَلَبَةِ الصَّغَائِرِ عَلَى الطَّاعَةِ اهـ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَعَدَمُ غَلَبَةِ الصَّغَائِرِ عَلَى الطَّاعَةِ أَنَّهُمَا لَوْ اسْتَوَيَا فَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بَقِيَتْ الْعَدَالَةُ ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ سَلْبُهَا كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ حَلَالٌ وَحَرَامٌ يَغْلِبُ الْحَرَامُ لِخُبْثِهِ وَكَذَا يَنْبَغِي هُنَا تَغْلِيبُ الْمَعَاصِي لِخُبْثِهَا ، وَفَسَّرَ الْقَاضِيَانِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالطَّبَرِيُّ الْإِصْرَارَ فِي قَوْله تَعَالَى { وَلَمْ يُصِرُّوا } بِأَنْ لَمْ يَعْزِمُوا عَلَى أَنْ لَا يَعُودُوا إلَيْهِ ، وَقَضِيَّتُهُ حُصُولُ الْإِصْرَارِ بِالْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ بِتَرْكِ الْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ : الْإِصْرَارُ التَّلَبُّسُ بِضِدِّ التَّوْبَةِ بِاسْتِمْرَارِ الْعَزْمِ عَلَى الْمُعَاوَدَةِ وَاسْتِدَامَةُ الْفِعْلِ ، بِحَيْثُ يَدْخُلُ بِهِ فِي حَيِّزِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْوَصْفُ بِصَيْرُورَتِهِ كَبِيرَةً وَلَيْسَ لِزَمَنِ ذَلِكَ وَعَدَدِهِ حَصْرٌ . وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : الْإِصْرَارُ أَنْ تَتَكَرَّرَ مِنْهُ الصَّغِيرَةُ تَكْرَارًا يُشْعِرُ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِدِينِهِ إشْعَارَ ارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ بِذَلِكَ ، قَالَ : وَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَتْ صَغَائِرُ مُخْتَلِفَةُ الْأَنْوَاعِ بِحَيْثُ يُشْعِرُ مَجْمُوعُهَا بِمَا يُشْعِرُ بِهِ أَصْغَرُ الْكَبَائِرِ اهـ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِمَعْرِفَةِ ضَابِطِ الْإِصْرَارِ عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ مُطْلَقَ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ يُصَيِّرُهَا كَبِيرَةً ، أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ السَّابِقِ فَالْمَدَارُ عَلَى غَلَبَةِ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي وَيُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الْبُلْقِينِيِّ لَهَا بِالْعُرْفِ أَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَى مُضَاعَفَةِ الطَّاعَاتِ وَإِنَّمَا يُقَابِلُ إفْرَادَ الطَّاعَاتِ بِإِفْرَادِ الْمَعَاصِي مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُضَاعَفَةِ وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِيمَا لَوْ اسْتَوَتْ مَعَاصِيهِ وَطَاعَاتُهُ ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ سَلْبُ الْعَدَالَةِ .
TENTANG KRITERIA WALI ADIL & FASIK
FORUM KAJIAN FIQIH ONLINE
DI TELEGRAM
Tanggal 03 Oktober 2018
Pertanyaan :
1. Bagaimanakah batasan wali yang 'adalah dan fasiq yang tidak bisa menjadi wali dalam nikah?
Jawaban :
1. ‘Adalah (adil) menurut ‘uruf ahli syara’ ialah karakteristik yang dapat mencegah dirinya melakukan dosa besar, selalu melakukan dosa kecil dan hal-hal remeh yang boleh, seperti berjalan keluar rumah tanpa alas kaki/tanpa tutup kepala, makan makanan yang bukan barang-barang pasar di pasar dan tidak menutup anggota badan selain ‘aurot.
Akan tetapi yang menjadi kriteria (batasan) ‘adalah yaitu tidak melakukan dosa besar atau selalu melakukan dosa kecil, selama perbuatan keta’atannya melebihi perbuatan kema’siatannya.
Apabila salah satu dari kriteria ‘adalah ini tidak terpenuhi, maka akan berstatus fasik yang akan menyebabkan tidak sah perwalian/persaksiannya dalam akad nikah.
Dan fatwa ulama muta’akhkhirin (pendapat Imam Malik, Imam Abu Hanifah dan banyak ulama) yang sudah di tashhih oleh Imam Ibnu Abdisshalah dan Imam Ghazali, boleh wali yang fasik menjadi perwalian dalam akad nikah, karena umumul balwa/dlarurot.
Referensi jawaban no. 1 :
فتح المعين وإعانة الطالبين - (ج 3 / ص 350)
(و) شرط (في الولي عدالة وحرية وتكليف) فلا ولاية لفاسق غير الامام الاعظم لان الفسق نقص يقدح في الشهادة فيمنع الولاية كالرق. هذا هو المذهب للخبر الصحيح لا نكاح إلا بولي مرشد أي عدل. وقال بعضهم: إنه يلي والذي اختاره النووي - كابن الصلاح والسبكي - ما أفتى به الغزالي من بقاء الولاية للفاسق حيث تنتقل لحاكم فاسق. ولو تاب الفاسق توبة صحيحة زوج حالا على ما اعتمده شيخنا كغيره، لكن الذي قاله الشيخان إنه لا يزوج إلا بعد الاستبراء، واعتمده السبكي.
(وقوله: عدالة) هذا شرط للولي المزوج بالولاية، أما المزوج بالملك فلا يشترط فيه. والمراد بالعدالة في حق الولي عدم الفسق، بخلافها في الشاهد فإن المراد بها ملكة في النفس تمنع من اقتراف الذنوب الكبائر والصغائر ومن الرذائل المباحة، كما تقدم، فحينئذ العدالة في حق الولي تشمل الواسطة وهي عدم الفسق مع عدم الملكة المذكورة، وتتحقق في الصبي إذا بلغ ولم يصدر منه كبيرة ولا صغيرة ولم يحصل له تلك الملكة، وفي الفاسق إذا تاب فإنهما يزوجان حالا.
إعانة الطالبين - (ج 3 / ص 343)
(قوله: وعدالة) هي تتحقق باجتناب كل كبيرة وإصرار على صغيرة على غلبة طاعاته على معاصيه. ولم يذكر المروءة مع أنه عدها في باب الشهادة ويمكن أن يقال إن العدالة تستلزمها بناء على أن العدالة في العرف ملكة تمنع من اقتراف الذنوب الكبائر وصغائر الخسة، كسرقة لقمة والتنظيف بثمرة، أي نقصها من البائع وزياداتها من المشتري، والرذائل المباحة كالمشي حافيا أو مكشوف الرأس وأكل غير سوقي في سوق.
حاشية البجيرمي على الخطيب - (ج 10 / ص 122)
( وَ ) السَّادِسُ ( الْعَدَالَةُ ) وَهِيَ مَلَكَةٌ فِي النَّفْسِ تَمْنَعُ مِنْ اقْتِرَافِ الذُّنُوبِ، وَلَوْ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ وَالرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةَ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِوَلِيٍّ فَاسِقٍ غَيْرِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مُجْبِرًا كَانَ أَمْ لَا فَسَقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَمْ لَا، أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ أَمْ لَا لِحَدِيثِ : { لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ } قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَالْمُرَادُ بِالْمُرْشِدِ الْعَدْلُ. وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَوْ سَلَبَ الْوِلَايَةَ لَانْتَقَلَتْ إلَى حَاكِمٍ فَاسِقٍ وُلِّيَ وَإِلَّا فَلَا، قَالَ : وَلَا سَبِيلَ إلَى الْفَتْوَى بِغَيْرِهِ إذْ الْفِسْقُ قَدْ عَمَّ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَالْأَوْجَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ لِلضَّرُورَةِ وَقَضَاؤُهُ نَافِذٌ، أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَا يَقْدَحُ فِسْقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ، فَعَلَيْهِ إنَّمَا يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ غَيْرُهُ كَبَنَاتِ غَيْرِهِ.
تَنْبِيهٌ : لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُزَوِّجُ اشْتِرَاطُ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ عَدْلًا؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً، فَإِنَّ الْعَدَالَةَ مَلَكَةٌ تَمْنَعُ صَاحِبَهَا مِمَّا مَرَّ، وَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَلَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ تِلْكَ الْمَلَكَةُ لَا عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ. وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْمَسْتُورَ يَلِي وَحَيْثُ مَنَعْنَا وِلَايَةَ الْفَاسِقِ فَقَالَ الْبَغَوِيّ : إذَا تَابَ زَوَّجَ فِي الْحَالِ وَوَجْهُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ، وَلَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا وَيَنْعَقِدُ بِمَسْتُورَيْ الْعَدَالَةِ وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا بِأَنْ عُرِفَتْ بِالْمُخَالَطَةِ دُونَ التَّزْكِيَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْقِدَ بِهِمَا الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا بِمَسْتُورَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِأَنْ يَكُونَا فِي مَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ وَالْأَحْرَارِ بِالْأَرِقَّاءِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ.
قَوْلُهُ : ( وَالْعَدَالَةُ ) مِنْ لَازِمِهَا الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا كَالْمِنْهَاجِ كَانَ كَافِيًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يُعْلَمُ نَصًّا وَمَا يُعْلَمُ الْتِزَامًا. فَإِنْ قِيلَ : هَذَا يُنَافِي انْعِقَادَهُ بِالْمَسْتُورَيْنِ قُلْت : لَا مُنَافَاةَ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرُّخْصَةِ أَوْ أَنَّ الِانْعِقَادَ بِالْعَدْلِ قَطْعًا، وَبِالْمَسْتُورِينَ عَلَى الصَّحِيحِ شَرْحُ م ر أ ج. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْوَلِيِّ عَدَمُ الْفِسْقِ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ وَاسِطَةً عَلَى كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ : ( وَهِيَ ) أَيْ الْعَدَالَةُ الَّتِي تُقْبَلُ مَعَهَا الشَّهَادَةُ، وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا إذَا كَانَ مَعَهَا مُرُوءَةٌ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ وَالرَّذَائِلُ الْمُبَاحَةُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُرُوءَةِ لَا مِنْ تَعْرِيفِ الْعَدَالَةِ.
قَوْلُهُ : ( مَلَكَةٌ ) أَيْ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ.
وَقَوْلُهُ : " تَمْنَعُ إلَخْ " أَيْ تَمْنَعُ مِنْ اقْتِرَافِ أَيْ ارْتِكَابِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ مَا ذُكِرَ، فَبِاقْتِرَافِ الْفَرْدِ مِنْ ذَلِكَ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ. أَمَّا صَغَائِرُ غَيْرِ الْخِسَّةِ كَكِذْبَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ضَرَرٌ وَنَظْرَةٌ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ الْمَنْعُ مِنْ اقْتِرَافِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا ا هـ م د وَغَيْرُهُ.
وَهَذَا يُنَاسِبُ عِبَارَةَ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَنَصُّهَا : مِنْ اقْتِرَافِ الْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ. وَهَذِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ صَغَائِرَ غَيْرِ الْخِسَّةِ مُخِلٌّ بِالْعَدَالَةِ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ : قَوْلُهُ : " مَلَكَةٌ " أَيْ كَيْفِيَّةٌ أَيْ صِفَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ، وَقَبْلَ رُسُوخِهَا تُسَمَّى حَالًا وَهَيْئَةً، وَهِيَ مِنْ مَقُولَةِ الْكَيْفِ.
قَوْلُهُ : ( وَلَوْ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ ) كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَالتَّطْفِيفِ بِتَمْرَةٍ، أَيْ نَقْصِهَا مِنْ الْبَائِعِ وَزِيَادَتِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ تَغْلِبْ طَاعَتُهُ.
قَوْلُهُ : ( وَالرَّذَائِلِ ) بِالْجَرِّ جَمْعُ رَذِيلَةٍ، وَهِيَ الْأَمْرُ الْمُسْتَحْسَنُ تَرْكُهُ كَمَشْيِ الْفَقِيهِ حَافِيًا أَوْ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الذُّنُوبِ، وَالرَّذَائِلُ الْمُبَاحَةُ لَا تُخِلُّ بِالْعَدَالَةِ بَلْ بِالْمُرُوءَةِ.
قَوْلُهُ : ( فَلَا يَنْعَقِدُ بِوَلِيٍّ فَاسِقٍ إلَخْ ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ ا هـ ق ل. وَلَوْ أَذِنَتْ لَهُ وَهُوَ عَدْلٌ ثُمَّ فَسَقَ ثُمَّ تَابَ فَقِيَاسُ مَا قِيلَ إنَّهَا أَوْ أَذِنَتْ لِلْقَاضِي فَعُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ احْتَاجَ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ لِبُطْلَانِ الْأَوَّلِ بِخُرُوجِهِ عَنْ الْوِلَايَةِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ ا هـ ع ش عَلَى م ر.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مَنْ يُرِيدُ الزَّوَاجَ يَأْخُذُ حَصِيرَ الْمَسْجِدِ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهَا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُرِيدُونَ الْعَقْدَ فِيهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُفَسِّقًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ اعْتِقَادُهُمْ إبَاحَةَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ، وَبِتَقْدِيرِ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَيُمْكِنُ أَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةٌ لَا يُوجِبُ فِسْقًا.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ أَيْضًا عَمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ لُبْسِ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ لِلشُّهُودِ وَالْوَلِيِّ هَلْ هُوَ مُفَسِّقٌ يُفْسِدُ الْعَقْدَ أَمْ لَا ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّهُودِ فَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْعَقْدَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ لَابِسِينَ ذَلِكَ، فَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّ فِيهِمْ اثْنَيْنِ سَالِمَيْنِ مِنْ ذَلِكَ اُعْتُدَّ بِشَهَادَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ حُضُورُهُمَا اتِّفَاقًا؛ وَأَمَّا فِي الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ إنْ اتَّفَقَ لُبْسُهُ لِذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ كَجَهْلِهِ بِالتَّحْرِيمِ، وَمَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ ا هـ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ : ( مُجْبِرًا كَانَ أَمْ لَا ) وَقِيلَ : يَكْفِي فِي الْمُجْبِرِ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ لِوُفُورِ شَفَقَةِ الْمُجْبِرِ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ.
قَوْلُهُ : ( فَسَقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَمْ لَا ) وَقِيلَ إنْ فَسَقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ ضَرَّ لِاخْتِلَالِ نَظَرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَقَ بِغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ : ( أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ أَمْ لَا ) وَقِيلَ إنْ أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ : ( لِحَدِيثِ إلَخْ ) يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَالْعَدَالَةِ، وَلِقَوْلِ الشَّارِحِ : فَلَا تَنْعَقِدُ بِوَلِيٍّ فَاسِقٍ.
قَوْلُهُ : ( لَوْ كَانَ ) أَيْ الْوَلِيُّ الْفَاسِقُ. وَقَوْلُهُ " وُلِّيَ " جَوَابُ " لَوْ " الْأُولَى، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ الْفَاسِقِ. وَقَوْلُهُ " لَانْتَقَلَتْ " جَوَابُ " لَوْ " الثَّانِيَةِ، وَجُمْلَتُهَا خَبَرُ " كَانَ ". وَقَوْلُهُ " وَإِلَّا " أَيْ بِأَنْ كَانَتْ تَنْتَقِلُ لِحَاكِمٍ عَادِلٍ فَلَا، أَيْ فَلَا يَلِي الْوَلِيُّ الْخَاصُّ الْفَاسِقُ بَلْ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ الْعَادِلِ.
قَوْلُهُ : ( إذْ الْفِسْقُ إلَخْ ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، إذْ لَا مَعْنَى لِلِانْتِقَالِ مِنْ فَاسِقٍ إلَى فَاسِقٍ.
قَوْلُهُ : ( وَالْأَوْجَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُزَوِّجُ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ سَلَبَ الْوِلَايَةَ لَانْتَقَلَتْ إلَى حَاكِمٍ فَاسِقٍ، أَوْ الْمُرَادُ بِإِطْلَاقِهِ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِي الْوَلِيِّ الْخَاصِّ مُطْلَقًا؛ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ فَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ لِلضَّرُورَةِ وَالضَّرُورَةُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا، فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ عِلَّةٌ لِمُقَدَّرٍ. وَحَاصِلُهُ إبْدَاءُ فَرْقٍ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوَلِيِّ بِمَا ذَكَرَ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَيُّ فَارِقٍ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ : " وَقَضَاؤُهُ نَافِذٌ " الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَهُ اسْتِطْرَادِيٌّ.
الفتاوى الفقهية الكبرى - (ج 8 / ص 310)
( وَسُئِلَ ) لَوْ تَابَ الْفَاسِقُ قُبَيْلَ الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَابَ الْوَلِيُّ فَمَا الْفَرْقُ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِقَوْلِهِ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الشَّاهِدِ اتِّصَافُهُ بِالْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَتَوَقَّف قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إنْ مَضَتْ عَلَيْهِ مِنْ تَوْبَتِهِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ وَهِيَ سَنَةٌ وَالشَّرْطُ فِي الْوَلِيِّ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الِاتِّصَافِ بِالْعَدَالَةِ وَبِالتَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ انْتَفَى الْفِسْقُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ انْتَفَى فِسْقُهُ وَارْتَكَبَ مَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ لَمْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ عَنْهُ بِخِلَافِ الشَّاهِد فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ انْتِفَاءِ فِسْقِهِ انْتِفَاءُ مَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ فَإِنْ قُلْت عَلَّلَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ جَوَازِ كَوْنِهِ شَاهِدًا بِأَنَّ التَّوْبَةَ تَصْدُرُ مِنْهُ عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ لَا عَلَى حَقِيقَتِهَا وَهُوَ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته قُلْت هَذَا التَّعْلِيلُ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَاسْتَوَى الْوَلِيُّ وَالشَّاهِدُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَنْعِ لِأَنَّ تَوْبَتَهُمَا إنْ صَحَّتْ بِأَنْ وَجَدَتْ شُرُوطَهَا اسْتَوَيَا فِي الْقَبُولِ وَإِلَّا اسْتَوَيَا فِي عَدَمِهِ بَلْ الْوَجْهُ مَا ذَكَرْته عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الشُّهُودِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَفِيهِ مَا فِيهِ .
فتاوى الرملي - (ج 5 / ص 423)
( سُئِلَ ) عَنْ الْأَصْلِ فِي النَّاسِ الْجَرْحُ أَوْ عَدَمُهُ ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَهَلْ يَشْمَلُ مَسْتُورَ الْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ أَمْ عَدَمَهَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُسْلِمِ عَدَمُ الْفِسْقِ فَيَشْمَلُ الْمَسْتُورَ ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ الْعَدَالَةُ ، وَالْفِسْقُ وَالْعَدَالَةُ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ إذْ الْعَدَالَةُ مَلَكَةٌ تَحْمِلُ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى ، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ فَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَلَا حَصَلَتْ لَهُ تِلْكَ الْمَلَكَةُ عَدْلٌ ، وَالْفَاسِقُ إذَا تَابَ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْفِسْقُ بِالتَّوْبَةِ وَلَا يَكُونُ عَدْلًا حَتَّى تَحْصُلَ لَهُ تِلْكَ الْمَلَكَةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ يُحَصِّلُهَا وَوَلِيُّ النِّكَاحِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْفِسْقِ ، وَالْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ لَا يُحْكَمُ بِعَدَالَتِهِ حَتَّى يُخْتَبَرَ وَلَيْسَ بِفَاسِقٍ مَا لَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ كَبِيرَةٌ .
بغية المسترشدين للسيد باعلوي الحضرمي - (ص 415)
(مسألة: ك): يشترط في الولي عدم الفسق على الراجح، فإذا لم يصح عقده لم يصح توكيله لأنه فرعه، كوكيل وليّ أحرم موكله هذا في غير سيد الأمة، أما هو فيزوجها ويوكل ولو فاسقاً، لأن تزويجه لها بالملك لا بالولاية، كما أن الإمام الأعظم لا ينعزل بالفسق، فيزوّج بناته إذا لم يكن لهن وليّ خاص غيره كبنات غيره، ويوكل غيره الأهل لذلك، ولا تشترط العدالة في الولي مطلقاً، فلو تاب في المجلس توبة صحيحة زوّج في الحال، وإن كان وصف العدالة لا يثبت إلا بعد مضي سنة، نعم فيه إشكال من حيث إن من شروط التوبة ردّ المظالم وقضاء الصلوات، وقد لا يتمكن من ذلك فوراً مع قولهم زوج حالاً، لكن صرح (ع ش) بأن التوبة في حق الولي لا يشترط فيها قضاء نحو الصلاة، حيث وجدت شروط التوبة بأن غرم مصمماً على ردها، ويؤيده أن ما هنا أوسع بدليل أن الحرفة الدنيئة التي لا تليق بالولي لا تمنع تزويجه، وأن المستور يزوّج، وكذا الصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، ولم يصدر منهما مفسق اهـ. ونحوه في (ي) وزاد: والقول الثاني وهو الذي عليه عمل الناس منذ أزمنة، بل لا يسعهم إلا هو، وأفتى به المتأخرون، وصححه ابن عبد السلام والغزالي، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وجماعات أن الفاسق يلي مطلقاً، ومال إليه في التحفة فيما إذا كانت تنتقل إلى فاسق من بعيد وحاكم.
قَوْلُهُ : ( أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ : " غَيْرِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ " لَكِنْ يَكُونُ مُكَرَّرًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا تَقَدَّمَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ وَلِيٌّ فَاسِقٌ هَلْ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ أَوْ لَا ؟ وَهُنَا مَفْرُوضٌ فِي الْأَعَمِّ أَوْ عَدَمِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ بِالْمَرَّةِ، وَمِثْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ نَائِبُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ م ر، أَوْ الْمُرَادُ الْأَعْظَمُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ. وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُ الْآتِي : " فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامِلَةِ "؛ لِأَنَّ نَائِبَهُ وِلَايَتُهُ عَامَّةٌ فِي عُقُودِ النِّكَاحِ بِالنِّسْبَةِ لِنَاحِيَتِهِ، وَمَالَ م ر إلَى أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ بِغَيْرِ الْإِجْبَارِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ لَهُ فِي حَقِّهِنَّ غَيْرُ مَحْضَةٍ بِخِلَافِ بَنَاتِ غَيْرِهِ فَلَا يُزَوِّجُهُنَّ بِالْإِجْبَارِ، وَكَذَا لَا يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ بِغَيْرِ الْإِجْبَارِ مَعَ وُجُودِ وَلِيٍّ خَاصٍّ كَجَدٍّ أَوْ عَمٍّ أَوْ نَحْوِهِ فَيُقَدَّمُ الْجَدُّ.
قَوْلُهُ : ( فَعَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى كَوْنِهِ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ.
قَوْلُهُ : ( إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ ) فَإِنْ كَانَ فَلَا يُزَوِّجُ. وَهَذَا إذَا كَانَ فَاسِقًا، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ بِالْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ وَبِالْإِجْبَارِ إنْ كُنَّ مُجْبَرَاتٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فَاسِقًا وَآلَ الْأَمْرُ إلَيْهِ فِي تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبِرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي بَنَاتِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ لَا إجْبَارَ فِيهَا. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا م د : قَوْلُهُ : " إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ " أَيْ فَمَحَلُّ تَزْوِيجِهِ لِبَنَاتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ جَدٌّ أَوْ عَمٌّ أَوْ نَحْوُهُ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَالْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ بَنَاتِهِ لَوْ كُنَّ أَبْكَارًا لَمْ يَكُنْ لَهُ إجْبَارٌ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ لَا إجْبَارَ فِيهَا، لَكِنْ مَالَ م ر فِي غَيْرِ شَرْحِهِ لِتَزْوِيجِهِ بِالْإِجْبَارِ وَنَظَرَ فِيهِ سم : وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر، نَصُّهَا : وَلَوْ كُنَّ أَبْكَارًا هَلْ يُجْبِرُهُنَّ؛ لِأَنَّهُ أَبٌ جَازَ لَهُ التَّزْوِيجُ أَوْ لَا وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْذَانِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لَا الْخَاصَّةِ ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَالَ م ر لِلْأَوَّلِ اهـ سم عَلَى حَجّ؛ لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ خَاصٌّ الثَّانِي، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي تَزْوِيجِهِ فَقْدَ الْقَرِيبِ الْعَدْلِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا أَخٌ أَوْ نَحْوُهُ فَتَمَحَّضَ تَزْوِيجُهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي الْإِجْبَارَ بَلْ عَدَمَهُ.
قَوْلُهُ : ( كَبَنَاتِ غَيْرِهِ ) أَيْ فَإِنَّهُ أَعْنِي الْإِمَامَ لَا يُزَوِّجُهُنَّ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ لَهُنَّ.
قَوْلُهُ : ( تَنْبِيهٌ إلَخْ ) غَرَضُهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ فِي الشَّاهِدَيْنِ لَا الْوَلِيِّ ، بَلْ شَرْطُهُ عَدَمُ الْفِسْقِ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ وَاسِطَةً بَيْنَهُمَا؛ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلِيِّ مَا يَشْمَلُ الْوَاسِطَةَ.
قَوْلُهُ : ( لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُزَوِّجُ ) أَيْ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِوَلِيٍّ فَاسِقٍ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلِيُّ عَدْلًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَتْنِ حَيْثُ قَالَ : وَالْعَدَالَةُ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعَدَالَةَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْوَلِيِّ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ عَدَمُ الْفِسْقِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالْوَاسِطَةِ، فَاشْتِرَاطُ الْمُصَنِّفِ الْعَدَالَةَ فِي الْوَلِيِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ اهـ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ ق ل : قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ الْعَدَالَةَ فِي الْوَلِيِّ، وَلَا يَسْتَقِيمُ مَعَهُ؛ فَلَعَلَّهَا عِبَارَةُ غَيْرِهِ، فَذِكْرُهُ لَهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.
قَوْلُهُ : ( لَا عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا. قَالَ م د : وَاعْتَرَضَهُ ق ل، وَقَالَ : بَلْ هُوَ مَسْتُورُ الْعَدَالَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدِ إلَّا فِيمَا إذَا تَابَ الْوَلِيُّ زَوَّجَ حَالًا وَالظَّاهِرُ كَلَامُ الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ : ( وَقَدْ نَقَلَ إلَخْ ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَسْتُورَ مِنْ الْوَاسِطَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمَسْتُورُ هُوَ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ وَهُوَ فَرْقُ الْوَاسِطَةِ؛ وَحِينَئِذٍ فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، إلَّا أَنْ يُقَالَ : مُرَادُهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَسْتُورِ إلَّا أَنَّهُ قِيَاسُ أَدْنَى عَلَى أَعْلَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ مُتَّصِفٌ بِالْعَدَالَةِ وَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً وَالْأَوَّلُ لَا يُقَالُ لَهُ عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ، فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ إلَخْ التَّقْوِيَةَ لِمَا قَبْلَهُ وَقِيَاسُ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ : ( إذَا تَابَ زَوَّجَ فِي الْحَالِ ) وَلَوْ كَانَ فِسْقُهُ بِالْعَضْلِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَاسِطَةٌ لَا عَدْلٌ وَلَا فَاسِقٌ.
قَوْلُهُ : ( لَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ ) كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لَا الْعَدَالَةُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ نَعَمْ قَبُولُ الشَّهَادَةِ لَازِمٌ لِلْعَدَالَةِ، عَلَى أَنَّ قَبُولَ الشَّهَادَةِ شَامِلٌ لِلْمُرُوءَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِنَفْيِ الرَّذَائِلِ الْمُبَاحَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْوَلِيِّ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الْعَدَالَةُ، بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهِ الْعَدَالَةُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ سَنَةً بَعْدَ التَّوْبَةِ، فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَلِيَ وَلَا يَشْهَدَ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَابَ الْوَلِيُّ الْفَاسِقُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ حَالًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ، وَكَذَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا مُفَسِّقٌ يُزَوِّجَانِ وَلَا يَشْهَدَانِ لِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا أَوْ لِعَدَمِ الْمَلَكَةِ، فَفِي ذَلِكَ إثْبَاتُ الْوَاسِطَةِ بَيْنَ الْفِسْقِ وَالْعَدَالَةِ. وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأُسْتَاذِ الْبَكْرِيِّ أَنَّهُمَا يَتَّصِفَانِ بِالْعَدَالَةِ فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُمَا كَمَا نَقَلَهُ ح ل.
قَوْلُهُ : ( بِمَسْتُورَيْ الْعَدَالَةِ ) أَيْ عِنْدَ الزَّوْجَيْنِ، أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي الْمَهْرِ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا كَمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ فِي الْفَتَاوَى ا هـ م د.
قَوْلُهُ : ( وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا ) وَقِيلَ الْمَسْتُورُ هُوَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُفَسِّقٌ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الثَّانِي لِصِدْقِ الثَّانِي بِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ فِسْقٌ وَلَا طَاعَةٌ وَالْأَوَّلُ لَا يُصَدَّقُ بِهَذَا.
قَوْلُهُ : ( لَا بِمَسْتُورَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ ) كَأَنْ وُجِدَ لَقِيطٌ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ إسْلَامًا وَلَا رِقًّا فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَتِهِ، نَعَمْ لَوْ عُقِدَ بِهِمَا فَبَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ صَحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي. وَقَوْلُهُ : " وَالْحُرِّيَّةِ " الْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ : وَكَمَسْتُورِ الْإِسْلَامِ مَسْتُورَا الْبُلُوغِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ : فَلَوْ عَقَدَ بِمَجْهُولِ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ فَبَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا كَالْخُنْثَيَيْنِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ بِهِمَا إذَا بَانَا ذَكَرَيْنِ وَيُعْتَدُّ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ إنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ حُرٌّ أَوْ بَالِغٌ.
قَوْلُهُ : ( بِأَنْ يَكُونَا فِي مَوْضِعٍ إلَخْ ) أَيْ وَلَا غَالِبَ فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ، فَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ أَوْ الْأَحْرَارُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا الْآنَ مِنْ الظَّاهِرِ لَا مِنْ الْمَسْتُورِ اهـ ق ل.
قَوْلُهُ : ( لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِمَا بَاطِنًا ) لَيْسَ الْمُرَادُ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، بَلْ الْمُرَادُ الْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ.
قَوْلُهُ : ( عَلَى ذَلِكَ ) أَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ.
بغية المسترشدين للسيد باعلوي الحضرمي - (ص 416)
(مسألة: ش): الولي الذي قام به مانع من نحو صبا وخلل وحجر سفه، وكذا فسق على المعتمد من خلاف قويّ منتشر كالعدم، بناء على الأصح أن ذا المانع لا يسمى ولياً، فعليه لا يعتبر رضاه بغير الكفء مطلقاً، وقيل: يعتبر إن كان صحيح العبارة كسفيه وفاسق، لأن ذا المانع له ولاية متأخرة اهـ. وفي فتاوى أخرى له: فلا يعتبر رضاه أي من ذكر في الكفاءة إن كان مسلوب العبارة كصبي ومجنون على المعتمد، بخلاف ما لو كانت عبارته صحيحة كفاسق ومحجور سفه فيعتبر رضاه فيما يظهر وإن لم يل التزويج، وإذا قلنا بانتقال الولاية بأحد الموانع المذكورة فالأصح انتقالها للأبعد والثاني للحاكم، فالاحتياط أن تأذن لكل من الأبعد والحاكم ثم يوكل أحدهما الآخر.
الزواجر عن اقتراف الكبائر - (ج 3 / ص 290)
( الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ : إدْمَانُ صَغِيرَةٍ أَوْ صَغَائِرَ بِحَيْثُ تَغْلِبُ مَعَاصِيهِ طَاعَتَهُ ) وَكَوْنُ هَذَا كَبِيرَةً أَيْ مِثْلُهَا فِي سُقُوطِ الْعَدَالَةِ هُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ. وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ : قَالَ الْأَصْحَابُ يُعْتَبَرُ فِي الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ ، فَمَنْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً فَسَقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ، وَأَمَّا الصَّغَائِرُ فَلَا يُشْتَرَطُ تَجَنُّبُهَا بِالْكُلِّيَّةِ لَكِنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يُصِرَّ عَلَيْهَا فَإِنْ أَصَرَّ كَانَ الْإِصْرَارُ كَارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ ، وَأَمَّا الْإِصْرَارُ السَّالِبُ لِلْعَدَالَةِ أَهْوَ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الصَّغَائِرِ أَمْ الْإِكْثَارُ مِنْ الصَّغَائِرِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ ؟ مِنْهُمْ مَنْ يَفْهَمُ كَلَامَهُ الْأَوَّلَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْهَمُ كَلَامَهُ الثَّانِيَ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ : إنَّ مَنْ يَغْلِبُ طَاعَتُهُ مَعَاصِيَهُ كَانَ عَدْلًا وَمَنْ يَغْلِبُ مَعَاصِيَهُ طَاعَتَهُ كَانَ مَرْدُودَ الشَّهَادَةِ ، وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ قَرِيبٌ مِنْهُ ، وَإِذَا قُلْنَا بِهِ لَمْ تَضُرَّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ الصَّغَائِرِ إذَا غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ وَعَلَى الِاحْتِمَالَاتِ الْأُوَلِ تَضُرُّ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ الثَّانِي وَهُوَ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ. وَالْحَاصِلُ ؛ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ وِفَاقًا لِكَثِيرِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا تَضُرُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الصَّغَائِرِ وَلَا عَلَى أَنْوَاعٍ سَوَاءٌ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الصَّغِيرَةِ أَوْ الصَّغَائِرِ أَوْ مُكْثِرًا مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ حَيْثُ غَلَبَ الطَّاعَاتُ الْمَعَاصِيَ وَإِلَّا ضَرَّ ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا وَقَعَ لِلشَّيْخَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ آخَرَيْنِ مِنْ أَنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى الصَّغِيرَةِ تُصَيِّرُهَا أَيْ مِثْلَهَا فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ ، لَكِنَّ النَّوْعَ إنْ انْضَمَّ إلَيْهِ كَوْنُ طَاعَتِهِ لَمْ تَغْلِبْ مَعَاصِيَهُ ، وَوَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ تَقْرِيرٌ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ قَدْ يُخَالِفُ بَعْضَ مَا قَرَّرْته فَلَا تَغْتَرَّ بِهِ ، فَقَدْ اعْتَرَضَهُ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُمَا وَيُؤَيِّدُ مَا قَرَّرْنَاهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمَنْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ كَانَ عَدْلًا إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِ طَاعَاتِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَعَاصِي مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : الْمَذْهَبُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ النُّصُوصُ إنَّ مَنْ كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَوْ الْمَعْصِيَةَ وَخِلَافَ الْمُرُوءَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ ، فَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ بَعْضِهِمْ إنَّ الْعَضْلَ ثَلَاثًا كَبِيرَةٌ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ أَيْ أَوْ يُحْمَلُ كَمَا مَرَّ مَا إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ غَلَبَةُ الْمَعَاصِي. وَعِبَارَةُ الْعَبَّادِيِّ : حَدُّ الْفِسْقِ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ الْجَرْحُ أَنْ يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً أَوْ يَغْلِبَ صَغَائِرُهُ عَلَى طَاعَاتِهِ قَالَ : وَحَدُّ الْمُرُوءَةِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يَسْتَكْرِهُهُ النَّاسُ مِنْ مِثْلِهِ مِثْلُ الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْأَكْلِ أَوْ ضَيَّقَ عَلَيْهَا فِي الْمَلْبَسِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ.
حاشية الباجوري على ابن قاسم الغزي - (ج 2 / ص 103104-) شركة النور أسيا
(قوله الععدالة) هي لغة الإستقامة والإعتدال وعرفا ملكة في النفس تمنع من اقتراف الذنوب الكبائر وصغائر الخسة كسرقة لقمة وتطفيف ثمرة والرذائل الواسطة فالصبي إذابلغ ولم تصدر منه كبيرة ولم تصر على صغيرة ولم تحصل له تلك الملكة لا عدل ولا فاسق ومع ذلك يصح أن يكون وليا وكذلك الكافر إذا أسلم والفاسق إذا تاب فانه يزوج في الحال لأن الشرط في ولي النكاح عدم الفسق لا العدالة المتقدمة ويكتفي العدالة بالمستورة والظاهرة في الولي والشاهدين ولذلك نقل الإمام والغزالي الإتفاق على أن المستور يلي ولذلك أيضا ينعقد النكاح بمستوري العدالة وان كان العاقد بهما الحاكم على المعتمد وهما المعروفان بها طاهرا بسبب المخالطة من غير تزكية عند القاضي وقيل هما اللذان لم يطلع لهما على مفسق وعلى هذا فيكفي حضور شاهدين وان لم يعرفا بالمخالطة بأن يؤتى بهما من الطريق والحال أنهما غير معروفين لأن ظاهر المسلمين العدالة والفرق بين مستوري العدالة حيث اكتفى بهما وبين مستوري الإسلام أو الحرية حيث لم يكتف بهما أن الإسلام والحرية يسهل الوقوف عليهما باطنا بخلاف العدالة فلايسهل الإطلاع عليها باطنا.
(قوله فلايكون الولي فاسقا) وكذلك الشاهدان لايكون فاسقين فلاينعقد النكاح بشهادة فاسقين لأنه لايثبت بهما ولاينعقد بولي فاسق بأي نوع من أواع المحرمات كشرب الخمر والسرقة والزنا وترك الصلاة واخراجها عن وقتها سواء أعلن بفسقه أم لا لحديث لانكاح إلا بولي مرشد قال الشافعي رضي الله عنه والمراد بالمرشد العدل أي غير الفاسق وهذا في غير الإمام الأعظم أماهو فلايضر فسقه لأنه لاينعزل به فيزوج بناته وبنات غيره بالولاية العامة تفخيما لشانه ومحل ذلك ان لم يكن لهن ولي غيره وإلا قدم لأن الولاية الخاصة مقدمة على الولاية العامة ولوكان الولي فاسقا وكان بحيث لوسلب الولاية لانتقلت الى حاكم فاسق زوج الحاكم الفاسق لأنه يزوج مع فسقه بخلاف الولي الفاسق خلافا لماأفتى به الغزالي من أنه لاتنتقل الولاية بل يزوج الفاسق حينئذ قال ولاسبيل الى الفتوى بغيره لأن الفسق قدعم العباد والبلاد والأوجه الأول لأن الحاكم لاينعزل بالفسق بل ينفذ حكمه للضرورة.
ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْعِمَادِ قَالَ : مَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ يُصَيِّرُهَا كَبِيرَةً لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الرَّافِعِيُّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ الشَّاهِدَ يَفْسُقُ وَالتَّفْسِيقُ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَا عَنْ كَبِيرَةٍ ، فَقَدْ يَكُونَانِ عَنْ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ ، وَعَنْ صَغِيرَةٍ وَاحِدَةٍ يَعْظُمُ خَطَرُهَا كَقُبْلَةِ أَجْنَبِيَّةٍ بِحَضْرَةِ النَّاسِ اهـ وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَ فِي التَّفْسِيقِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى كَبِيرَةٍ بِخِلَافِ رَدِّ الشَّهَادَةِ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَنْ خَرْمِ مُرُوءَةٍ كَمَا فِي الْقُبْلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهَا كَبِيرَةً . وَأَمَّا تَمْثِيلُهُ بِالْإِصْرَارِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ عَقِبَ كَلَامِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ . قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَالرُّجُوعُ فِي الْغَلَبَةِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مُدَّةَ الْعُمْرِ فَالْمُسْتَقْبَلُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا ذَهَبَ بِالتَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ : لَيْسَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا يُمَحِّضُ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ ، فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى الرَّجُلِ الْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ ، فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ الْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الْمَعْصِيَةَ وَخِلَافَ الْمُرُوءَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ . قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الصَّغَائِرُ فَإِنَّ الْكَبِيرَةَ بِمُجَرَّدِهَا تُخْرِجُ عَنْ الْعَدَالَةِ ، وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ الطَّاعَةَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ شَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَعَدَمُ غَلَبَةِ الصَّغَائِرِ عَلَى الطَّاعَةِ اهـ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَعَدَمُ غَلَبَةِ الصَّغَائِرِ عَلَى الطَّاعَةِ أَنَّهُمَا لَوْ اسْتَوَيَا فَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بَقِيَتْ الْعَدَالَةُ ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ سَلْبُهَا كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ حَلَالٌ وَحَرَامٌ يَغْلِبُ الْحَرَامُ لِخُبْثِهِ وَكَذَا يَنْبَغِي هُنَا تَغْلِيبُ الْمَعَاصِي لِخُبْثِهَا ، وَفَسَّرَ الْقَاضِيَانِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالطَّبَرِيُّ الْإِصْرَارَ فِي قَوْله تَعَالَى { وَلَمْ يُصِرُّوا } بِأَنْ لَمْ يَعْزِمُوا عَلَى أَنْ لَا يَعُودُوا إلَيْهِ ، وَقَضِيَّتُهُ حُصُولُ الْإِصْرَارِ بِالْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ بِتَرْكِ الْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ : الْإِصْرَارُ التَّلَبُّسُ بِضِدِّ التَّوْبَةِ بِاسْتِمْرَارِ الْعَزْمِ عَلَى الْمُعَاوَدَةِ وَاسْتِدَامَةُ الْفِعْلِ ، بِحَيْثُ يَدْخُلُ بِهِ فِي حَيِّزِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْوَصْفُ بِصَيْرُورَتِهِ كَبِيرَةً وَلَيْسَ لِزَمَنِ ذَلِكَ وَعَدَدِهِ حَصْرٌ . وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : الْإِصْرَارُ أَنْ تَتَكَرَّرَ مِنْهُ الصَّغِيرَةُ تَكْرَارًا يُشْعِرُ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِدِينِهِ إشْعَارَ ارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ بِذَلِكَ ، قَالَ : وَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَتْ صَغَائِرُ مُخْتَلِفَةُ الْأَنْوَاعِ بِحَيْثُ يُشْعِرُ مَجْمُوعُهَا بِمَا يُشْعِرُ بِهِ أَصْغَرُ الْكَبَائِرِ اهـ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِمَعْرِفَةِ ضَابِطِ الْإِصْرَارِ عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ مُطْلَقَ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ يُصَيِّرُهَا كَبِيرَةً ، أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ السَّابِقِ فَالْمَدَارُ عَلَى غَلَبَةِ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي وَيُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الْبُلْقِينِيِّ لَهَا بِالْعُرْفِ أَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَى مُضَاعَفَةِ الطَّاعَاتِ وَإِنَّمَا يُقَابِلُ إفْرَادَ الطَّاعَاتِ بِإِفْرَادِ الْمَعَاصِي مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُضَاعَفَةِ وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِيمَا لَوْ اسْتَوَتْ مَعَاصِيهِ وَطَاعَاتُهُ ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ سَلْبُ الْعَدَالَةِ .
Komentar
Posting Komentar
Harap berkomentar yang baik