HASIL RUMUSAN
TENTANG ALLAH SENDIRI YANG MEMBALAS PUASA
FORUM KAJIAN FIQIH ONLINE
DI TELEGRAM
Tanggal 27 Juli 2018
Deskripsi Masalah :
KEISTIMEWAAN DAN KEDAHSYATAN PUASA
Hadits :
" كل عمل ابن آدم له إلّا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به "
"Seluruh amal anak cucu Adam untuknya kecuali puasa, sesungguhnya puasanya untukKU (Allâh), dan Aku (sendiri) yang akan membalasnya".
▪️Para Ulama' berbeda pendapat mengenai makna hadits ini, hingga lebih dari 50 pendapat.
▪️Imam Al-Subkiy rahimahullâh berkata :
Dari sekian banyak pendapat, yang paling bagus adalah pendapatnya Imam Sufyan bin 'Uyainah rahimahullâh, yakni :
Sesungguhnya besok pada hari kiamat, amal² seseorang berkaitan dengan para musuhnya (orang lain), kecuali (amal berupa) puasa. Orang lain tidak bisa turut campur dalam amal puasa seseorang. Seseorang yang punya hak adami terhadap orang lain, ia bisa membayar dan melunasinya dengan diambilkan dari (pahala) shalatnya, shadaqahnya, hajinya, dll, kecuali puasanya. Hingga ketika seorang (mukmin) sudah habis kebaikannya namun masih ada tersisa hak adami yang harus dia tanggung, Allâh ﷻ akan mengampuninya dan akan memasukkannya ke dalam Surga dengan Puasanya.
Murod bebas dari kitab Al-Fawâid Al-Mukhtârah, karya Al-'Allâmah Al-Habîb Zain bin Ibrâhim bin Sumaith, halaman 584-585, beliau menuqil dari kitab Mughnî Al-Muhtâj.
MâsyâAllâh...
اللهم تقبل منا صيامنا وصلاتنا * بجاه النبى صلى الله عليه وسلم
Pertanyaan :
1. Shoûm atau puasa yang dimaksud dalam hadits Nabi ﷺ tersebut khusus puasa Ramadlan atau puasa secara umum, memasukkan puasa sunnah juga?
Jawaban :
1. Umum, baik puasa wajib atau sunnah dan puasanya dilakukan dengan ikhlas.
Referensi jawaban no. 1 :
فتح الباري لابن حجر - (ج 6 / ص 129)
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى " الصِّيَام لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " مَعَ أَنَّ الْأَعْمَال كُلّهَا لَهُ وَهُوَ الَّذِي يَجْزِي بِهَا عَلَى أَقْوَال : أَحَدهَا أَنَّ الصَّوْم لَا يَقَع فِيهِ الرِّيَاء كَمَا يَقَع فِي غَيْره ، حَكَاهُ الْمَازِرِيّ وَنَقَلَهُ عِيَاض عَنْ أَبِي عُبَيْد ، وَلَفْظ أَبِي عُبَيْد فِي غَرِيبه : قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَعْمَال الْبِرّ كُلّهَا لِلَّهِ وَهُوَ الَّذِي يَجْزِي بِهَا ، فَنَرَى وَاللَّه أَعْلَم أَنَّهُ إِنَّمَا خَصَّ الصِّيَام لِأَنَّهُ لَيْسَ يَظْهَر مِنْ اِبْنِ آدَم بِفِعْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء فِي الْقَلْب . وَيُؤَيِّد هَذَا التَّأْوِيل قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَيْسَ فِي الصِّيَام رِيَاء " حَدَّثَنِيهِ شَبَابَة عَنْ عُقَيْل عَنْ الزُّهْرِيِّ فَذَكَرَهُ يَعْنِي مُرْسَلًا قَالَ : وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَعْمَال لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْحَرَكَاتِ ، إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّمَا هُوَ بِالنِّيَّةِ الَّتِي تَخْفَى عَنْ النَّاس ، وَهَذَا وَجْه الْحَدِيث عِنْدِي ، اِنْتَهَى . وَقَدْ رَوَى الْحَدِيث الْمَذْكُور الْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " مِنْ طَرِيق عُقَيْل ، وَأَوْرَدَهُ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الزُّهْرِيِّ مَوْصُولًا عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَإِسْنَاده ضَعِيف وَلَفْظه " الصِّيَام لَا رِيَاء فِيهِ . قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ قَاطِعًا لِلنِّزَاعِ . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَمَّا كَانَتْ الْأَعْمَال يَدْخُلهَا الرِّيَاء وَالصَّوْم لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ فِعْله إِلَّا اللَّه فَأَضَافَهُ اللَّه إِلَى نَفْسه ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَدِيث " يَدَع شَهْوَته مِنْ أَجْلِي " وَقَالَ اِبْنِ الْجَوْزِيّ : جَمِيع الْعِبَادَات تَظْهَر بِفِعْلِهَا وَقَلَّ أَنْ يَسْلَم مَا يَظْهَر مِنْ شَوْب ، بِخِلَافِ الصَّوْم . وَارْتَضَى هَذَا الْجَوَاب الْمَازِرِيّ وَقَرَّرَهُ الْقُرْطُبِيّ بِأَنَّ أَعْمَال بَنِي آدَم لَمَّا كَانَتْ يُمْكِن دُخُول الرِّيَاء فِيهَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِمْ ، بِخِلَافِ الصَّوْم فَإِنَّ حَالَ الْمُمْسِك شِبَعًا مِثْل حَالِ الْمُمْسِك تَقَرُّبًا يَعْنِي فِي الصُّورَة الظَّاهِرَة .
قَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير : التَّخْصِيص فِي مَوْضِع التَّعْمِيم فِي مِثْل هَذَا السِّيَاق لَا يُفْهَم مِنْهُ إِلَّا التَّعْظِيم وَالتَّشْرِيف . خَامِسهَا : أَنَّ الِاسْتِغْنَاء عَنْ الطَّعَام وَغَيْره مِنْ الشَّهَوَات مِنْ صِفَات الرَّبّ جَلَّ جَلَاله ، فَلَمَّا تَقَرَّبَ الصَّائِم إِلَيْهِ بِمَا يُوَافِق صِفَاته أَضَافَهُ إِلَيْهِ . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّ أَعْمَال الْعِبَاد مُنَاسِبَة لِأَحْوَالِهِمْ إِلَّا الصِّيَام فَإِنَّهُ مُنَاسِب لِصِفَةٍ مِنْ صِفَات الْحَقّ ، كَأَنَّهُ يَقُول إِنَّ الصَّائِم يَتَقَرَّب إِلَيَّ بِأَمْرٍ هُوَ مُتَعَلِّق بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِي . سَادِسهَا : أَنَّ الْمَعْنَى كَذَلِكَ ، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَلَائِكَة لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتهمْ . سَابِعهَا : أَنَّهُ خَالِصٌ لِلَّهِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهِ حَظٌّ ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ ، هَكَذَا نَقَلَهُ عِيَاض وَغَيْره ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْحَظِّ مَا يَحْصُل مِنْ الثَّنَاء عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْعِبَادَة رَجَعَ إِلَى الْمَعْنَى الْأَوَّل ، وَقَدْ أَفْصَحَ بِذَلِكَ اِبْنُ الْجَوْزِيّ فَقَالَ : الْمَعْنَى لَيْسَ لِنَفْسِ الصَّائِم فِيهِ حَظٌّ بِخِلَافِ غَيْره فَإِنَّ لَهُ فِيهِ حَظًّا لِثَنَاءِ النَّاس عَلَيْهِ لِعِبَادَتِهِ . ثَامِنِهَا : سَبَب الْإِضَافَة إِلَى اللَّه أَنَّ الصِّيَام لَمْ يُعْبَد بِهِ غَيْر اللَّه ، بِخِلَافِ الصَّلَاة وَالصَّدَقَة وَالطَّوَاف وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِمَا يَقَع مِنْ عُبَّاد النُّجُوم وَأَصْحَاب الْهَيَاكِل وَالِاسْتِخْدَامَات ، فَإِنَّهُمْ يَتَعَبَّدُونَ لَهَا بِالصِّيَامِ . وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ إِلَهِيَّة الْكَوَاكِب ، وَإِنَّمَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا فَعَّالَة بِأَنْفُسِهَا ، وَهَذَا الْجَوَاب عِنْدِي لَيْسَ بِطَائِلٍ ، لِأَنَّهُمْ طَائِفَتَانِ ، إِحْدَاهُمَا كَانَتْ تَعْتَقِد إِلَهِيَّة الْكَوَاكِب وَهُمْ مَنْ كَانَ قَبْل ظُهُور الْإِسْلَام ، وَاسْتَمَرَّ مِنْهُمْ مَنْ اِسْتَمَرَّ عَلَى كُفْره . وَالْأُخْرَى مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ فِي الْإِسْلَام وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَعْظِيم الْكَوَاكِب وَهُمْ الَّذِينَ أُشِيرَ إِلَيْهِمْ . تَاسِعهَا : أَنَّ جَمِيع الْعِبَادَات تُوَفَّى مِنْهَا مَظَالِم الْعِبَاد إِلَّا الصِّيَام ، رَوَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق إِسْحَاق بْن أَيُّوب بْن حَسَّان الْوَاسِطِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ : إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُحَاسِب اللَّه عَبْده وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَظَالِم مِنْ عَمَله حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ إِلَّا الصَّوْم ، فَيَتَحَمَّل اللَّه مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَظَالِم وَيُدْخِلهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّة . قَالَ الْقُرْطُبِيّ : قَدْ كُنْت اِسْتَحْسَنْت هَذَا الْجَوَاب إِلَى أَنْ فَكَّرْت فِي حَدِيث الْمُقَاصَّة فَوَجَدْت فِيهِ ذِكْر الصَّوْم فِي جُمْلَة الْأَعْمَال حَيْثُ قَالَ " الْمُفْلِس الَّذِي يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة بِصَلَاةٍ وَصَدَقَة وَصِيَام ، وَيَأْتِي وَقَدْ شَتَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا وَأَكَلَ مَالِ هَذَا " الْحَدِيث وَفِيهِ " فَيُؤْخَذ لِهَذَا مِنْ حَسَنَاته وَلِهَذَا مِنْ حَسَنَاته ، فَإِذَا فَنِيَتْ حَسَنَاته قَبْل أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتهمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّار " فَظَاهِرُهُ أَنَّ الصِّيَام مُشْتَرِك مَعَ بَقِيَّة الْأَعْمَال فِي ذَلِكَ .
قُلْت : مَعْنَى النَّفْي فِي قَوْله " لَا رِيَاء فِي الصَّوْم " أَنَّهُ لَا يَدْخُلهُ الرِّيَاء بِفِعْلِهِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَدْخُلهُ الرِّيَاء بِالْقَوْلِ كَمَنْ يَصُوم ثُمَّ يُخْبِر بِأَنَّهُ صَائِم فَقَدْ يَدْخُلهُ الرِّيَاء مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّة ، فَدُخُول الرِّيَاء فِي الصَّوْم إِنَّمَا يَقَع مِنْ جِهَة الْإِخْبَار ، بِخِلَافِ بَقِيَّة الْأَعْمَال فَإِنَّ الرِّيَاء قَدْ يَدْخُلهَا بِمُجَرَّدِ فِعْلهَا . وَقَدْ حَاوَلَ بَعْض الْأَئِمَّة إِلْحَاق شَيْء مِنْ الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة بِالصَّوْمِ فَقَالَ : إِنَّ الذِّكْر بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه يُمْكِن أَنْ لَا يَدْخُلهُ الرِّيَاء ، لِأَنَّهُ بِحَرَكَةِ اللِّسَان خَاصَّة دُون غَيْره مِنْ أَعْضَاء الْفَم ، فَيُمْكِن الذَّاكِر أَنْ يَقُولهَا بِحَضْرَةِ النَّاس وَلَا يَشْعُرُونَ مِنْهُ بِذَلِكَ . ثَانِيهَا أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " أَنِّي أَنْفَرِد بِعِلْمِ مِقْدَار ثَوَابه وَتَضْعِيف حَسَنَاته . وَأَمَّا غَيْره مِنْ الْعِبَادَات فَقَدْ اِطَّلَعَ عَلَيْهَا بَعْض النَّاس . قَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَعْمَال قَدْ كَشَفْت مَقَادِير ثَوَابهَا لِلنَّاسِ وَأَنَّهَا تُضَاعَف مِنْ عَشْرَة إِلَى سَبْعمِائَةِ إِلَى مَا شَاءَ اللَّه ، إِلَّا الصِّيَام فَإِنَّ اللَّه يُثِيب عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَقْدِير . وَيَشْهَد لِهَذَا السِّيَاق الرِّوَايَة الْأُخْرَى يَعْنِي رِوَايَة الْمُوَطَّأ ، وَكَذَلِكَ رِوَايَة الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِحِ حَيْثُ قَالَ " كُلّ عَمَل اِبْنِ آدَمِ يُضَاعَف الْحَسَنَة بِعَشْرِ أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائَةِ ضِعْف إِلَى مَا شَاءَ اللَّه - قَالَ اللَّه - إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " أَيْ أُجَازِي عَلَيْهِ جَزَاء كَثِيرًا مِنْ غَيْر تَعْيِين لِمِقْدَارِهِ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) اِنْتَهَى . وَالصَّابِرُونَ الصَّائِمُونَ فِي أَكْثَرِ الْأَقْوَال . قُلْت : وَسَبَقَ إِلَى هَذَا أَبُو عُبَيْد فِي غَرِيبه فَقَالَ : بَلَغَنِي عَنْ اِبْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِأَنَّ الصَّوْم هُوَ الصَّبْر لِأَنَّ الصَّائِم يُصَبِّر نَفْسه عَنْ الشَّهَوَات ، وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) اِنْتَهَى . وَيَشْهَد رِوَايَة الْمُسَيِّب بْن رَافِعِ عَنْ أَبِي صَالِحِ عِنْد سَمُّويَة " إِلَى سَبْعمِائَةِ ضِعْف ، إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَحَد مَا فِيهِ " وَيَشْهَد لَهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ اِبْنِ وَهْب فِي جَامِعِهِ عَنْ عُمَر بْن مُحَمَّد بْن زَيْد بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ جَدِّهِ زَيْد مُرْسَلًا ، وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ عُمَر بْن مُحَمَّد عَنْ عَبْد اللَّه بْن مِينَاء عَنْ اِبْنِ عُمَر مَرْفُوعًا " الْأَعْمَال عِنْد اللَّه سَبْع " الْحَدِيث ، وَفِيهِ " وَعَمَل لَا يَعْلَم ثَوَاب عَامِلِهِ إِلَّا اللَّه " ثُمَّ قَالَ : وَأَمَّا الْعَمَل الَّذِي لَا يَعْلَم ثَوَاب عَامِلِهِ إلَّا اللَّه فَالصِّيَام ، ثُمَّ قَالَ الْقُرْطُبِيّ : هَذَا الْقَوْل ظَاهِر الْحُسْن ، قَالَ : غَيْر أَنَّهُ تَقَدَّمَ وَيَأْتِي فِي غَيْر مَا حَدِيث أَنَّ صَوْم الْيَوْم بِعَشْرَةِ أَيَّام ، وَهِيَ نَصّ فِي إِظْهَار التَّضْعِيف ، فَبَعُدَ هَذَا الْجَوَاب بَلْ بَطَلَ . قُلْت : لَا يَلْزَم مِنْ الَّذِي ذُكِرَ بُطْلَانه ، بَلْ الْمُرَاد بِمَا أَوْرَدَهُ أَنَّ صِيَام الْيَوْم الْوَاحِد يُكْتَب بِعَشْرَةِ أَيَّام ، وَأَمَّا مِقْدَار ثَوَاب ذَلِكَ فَلَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه تَعَالَى . وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا الْعُرْف الْمُسْتَفَاد مِنْ قَوْله " أَنَا أَجْزِي بِهِ " لِأَنَّ الْكَرِيم إِذَا قَالَ : أَنَا أَتَوَلَّى الْإِعْطَاء بِنَفْسِي كَانَ فِي ذَلِكَ إِشَارَة إِلَى تَعْظِيم ذَلِكَ الْعَطَاء وَتَفْخِيمه . ثَالِثهَا مَعْنَى قَوْله " الصَّوْم لِي " أَيْ أَنَّهُ أَحَبّ الْعِبَادَات إِلَيَّ وَالْمُقَدَّم عِنْدِي ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْل اِبْنِ عَبْد الْبَرّ : كَفَى بِقَوْلِهِ " الصَّوْم لِي " فَضْلًا لِلصِّيَامِ عَلَى سَائِر الْعِبَادَات . وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَغَيْره مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا " عَلَيْك بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْل لَهُ " لَكِنْ يُعَكِّر عَلَى هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح " وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْر أَعْمَالكُمْ الصَّلَاة " . رَابِعِهَا : الْإِضَافَة إِضَافَة تَشْرِيف وَتَعْظِيم كَمَا يُقَال بَيْت اللَّه وَإِنْ كَانَتْ الْبُيُوت كُلّهَا لِلَّهِ .
تحفة المحتاج في شرح المنهاج - (ج 14 / ص 66)
( بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ ) وَهُوَ مَا لَمْ يُفْرَضْ وَلِلصَّوْمِ مِنْ الْفَضَائِلِ وَالْمَثُوبَةِ مَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْ ثَمَّ أَضَافَهُ تَعَالَى إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ فَقَالَ { كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ } وَأَيْضًا فَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ أَعْظَمِ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ بَلْ أَعْظَمُهَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إخْبَارِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا قِيلَ إنَّ التَّبَعَاتِ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ يَرُدُّهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مَعَ جُمْلَةِ الْأَعْمَالِ فِيهَا وَبَقِيَ فِيهِ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ قَوْلًا لَا تَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ وَتَعَسُّفٍ نَعَمْ قِيلَ إنَّ التَّضْعِيفَ فِي الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ لَا يُؤْخَذُ ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا الَّذِي يُؤْخَذُ الْأَصْلُ وَهُوَ الْحَسَنَةُ الْأُولَى لَا غَيْرُ وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ إنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ الصَّادِقِ وَإِلَّا وَجَبَ الْأَخْذُ بِعُمُومِ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ أَخْذِ حَسَنَاتِ الظَّالِمِ حَتَّى إذَا لَمْ تَبْقَ لَهُ حَسَنَةٌ وَضَعَ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ فَإِذَا وَضَعَ عَلَيْهِ سَيِّئَاتِهِ فَأَوْلَى أَخْذُ جَمِيعِ حَسَنَاتِهِ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ صَارَ لَهُ وَمَحْضُ الْفَضْلِ جَارٍ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُعْتَقَدُ أَهْلِ السُّنَّةِ .
قُلْت : إِنْ ثَبَتَ قَوْل اِبْنِ عُيَيْنَةَ أَمْكَنَ تَخْصِيص الصِّيَام مِنْ ذَلِكَ ، فَقَدْ يُسْتَدَلّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَد مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ مُحَمَّد بْن زِيَاد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " كُلّ الْعَمَل كَفَّارَة إِلَّا الصَّوْم ، الصَّوْم لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَده عَنْ شُعْبَة عَنْ مُحَمَّد بْن زِيَاد وَلَفْظه " قَالَ رَبّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : كُلّ الْعَمَل كَفَّارَة إِلَّا الصَّوْم " وَرَوَاهُ قَاسِم بْن أَصْبَغَ مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ شُعْبَة بِلَفْظِ " كُلّ مَا يَعْمَلهُ اِبْن آدَم كَفَّارَة لَهُ إِلَّا الصَّوْم " وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي التَّوْحِيد عَنْ آدَم عَنْ شُعْبَة بِلَفْظٍ يَرْوِيه " عَنْ رَبِّكُمْ قَالَ : لِكُلِّ عَمَل كَفَّارَة وَالصَّوْم لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " فَحَذَفَ الِاسْتِثْنَاء ، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ غُنْدَر عَنْ شُعْبَة لَكِنْ قَالَ " كُلّ الْعَمَل كَفَّارَة " وَهَذَا يُخَالِف رِوَايَة آدَم لِأَنَّ مَعْنَاهَا إِنَّ لِكُلِّ عَمَل مِنْ الْمَعَاصِي كَفَّارَة مِنْ الطَّاعَات ، وَمَعْنَى رِوَايَة غُنْدَر كُلّ عَمَل مِنْ الطَّاعَات كَفَّارَة لِلْمَعَاصِي ، وَقَدْ بَيَّنَ الْإِسْمَاعِيلِيّ الِاخْتِلَاف فِيهِ فِي ذَلِكَ عَلَى شُعْبَة ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق غُنْدَر بِذِكْرِ الِاسْتِثْنَاء فَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى غُنْدَر ، وَالِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُور يَشْهَد لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ اِبْنِ عُيَيْنَةَ ، لَكِنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيح السَّنَد فَإِنَّهُ يُعَارِضهُ حَدِيث حُذَيْفَة " فِتْنَة الرَّجُل فِي أَهْله وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ يُكَفِّرهَا الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالصَّدَقَة " وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرّ فِي تَعْقِيب الْبُخَارِيّ لِحَدِيثِ الْبَاب بِبَابِ الصَّوْم كَفَّارَة وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث حُذَيْفَة ، وَسَأَذْكُرُ وَجْه الْجَمْع بَيْنهمَا فِي الْكَلَام عَلَى الْبَاب الَّذِي يَلِيه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . عَاشِرهَا : أَنَّ الصَّوْم لَا يَظْهَر فَتَكْتُبهُ الْحَفَظَة كَمَا تَكْتُب سَائِر الْأَعْمَال ، وَاسْتَنَدَ قَائِله إِلَى حَدِيث وَاهٍ جِدًّا أَوْرَدَهُ اِبْن الْعَرَبِيّ فِي " الْمُسَلْسَلَات " وَلَفْظه " قَالَ اللَّه الْإِخْلَاص سِرّ مِنْ سِرِّي اِسْتَوْدَعْته قَلْب مَنْ أُحِبّ لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ مَلَك فَيَكْتُبَهُ وَلَا شَيْطَان فَيُفْسِدهُ " وَيَكْفِي فِي رَدّ هَذَا الْقَوْل الْحَدِيث الصَّحِيح فِي كِتَابَة الْحَسَنَة لِمَنْ هَمَّ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَعْمَلهَا . فَهَذَا مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْوِبَة ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْض الْعُلَمَاء بَلَغَهَا إِلَى أَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَهُوَ الطَّالِقَانِيّ فِي " حَظَائِر الْقُدُس " لَهُ وَلَمْ أَقِف عَلَيْهِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالصِّيَامِ هُنَا صِيَام مَنْ سَلِمَ صِيَامه مِنْ الْمَعَاصِي قَوْلًا وَفِعْلًا . وَنَقَلَ اِبْن الْعَرَبِيّ عَنْ بَعْض الزُّهَّاد أَنَّهُ مَخْصُوص بِصِيَامِ خَوَاصّ الْخَوَاصّ فَقَالَ : إِنَّ الصَّوْم عَلَى أَرْبَعَة أَنْوَاع : صِيَام الْعَوَامّ وَهُوَ الصَّوْم عَنْ الْأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع ، وَصِيَام خَوَاصّ الْعَوَامّ وَهُوَ هَذَا مَعَ اِجْتِنَاب الْمُحَرَّمَات مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل ، وَصِيَام الْخَوَاصّ وَهُوَ الصَّوْم عَنْ غَيْر ذِكْر اللَّه وَعِبَادَته ، وَصِيَام خَوَاصّ الْخَوَاصّ وَهُوَ الصَّوْم عَنْ غَيْر اللَّه فَلَا فِطْرَ لَهُمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . وَهَذَا مَقَام عَالٍ لَكِنْ فِي حَصْر الْمُرَاد مِنْ الْحَدِيث فِي هَذَا النَّوْع نَظَر لَا يَخْفَى . وَأَقْرَب الْأَجْوِبَة الَّتِي ذَكَرْتهَا إِلَى الصَّوَاب الْأَوَّل وَالثَّانِي وَيَقْرُب مِنْهُمَا الثَّامِن وَالتَّاسِع . وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ فِي الْكَلَام عَلَى رِوَايَة الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِحٍ الَّتِي بَيَّنْتهَا قَبْل : لَمَّا أَرَادَ بِالْعَمَلِ الْحَسَنَات وَضَعَ الْحَسَنَة فِي الْخَبَر مَوْضِع الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى الْمُبْتَدَأ ، وَقَوْله " إِلَّا الصِّيَام " مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامٍ غَيْر مَحْكِيّ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْله ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَسَنَات يُضَاعَف جَزَاؤُهَا مِنْ عَشْرَة أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائَةِ ضِعْف إِلَّا الصَّوْم فَلَا يُضَاعَف إِلَى هَذَا الْقَدْر بَلْ ثَوَابه لَا يُقَدِّر قَدْره وَلَا يُحْصِيه إِلَّا اللَّه تَعَالَى ، وَلِذَلِكَ يَتَوَلَّى اللَّه جَزَاءَهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَكِلهُ إِلَى غَيْره .
وَيَشْهَدُ لِهَذَا السِّيَاقِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى يَعْنِي رِوَايَةَ الْمُوَطَّأِ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ حَيْثُ قَالَ : كُلُّ عَمَلِ اِبْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ ، قَالَ اللَّهُ : إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، أَيْ أُجَازِي عَلَيْهِ جَزَاءً كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِمِقْدَارِهِ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } اِنْتَهَى . وَالصَّابِرُونَ الصَّائِمُونَ فِي أَكْثَرِ الْأَقْوَالِ اِنْتَهَى مَا فِي الْفَتْحِ .
نهاية المحتاج - (ج 3 / ص 205)
(بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ) التَّطَوُّعُ: التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» وَالصَّحِيحُ تَعَلُّقُ الْغُرَمَاءِ بِهِ كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَتَخْصِيصُهُ بِكَوْنِهِ لَهُ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الرِّيَاءِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَقْوَالٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ قَوْلًا.
(قَوْلُهُ: التَّطَوُّعُ: التَّقَرُّبُ إلَخْ) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ) أَيْ الْجِهَادِ وَفِيهِ دَلَالَةُ فَضْلِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ) أَيْ فُرُوضِهَا وَسُنَنِهَا وَمَا ضُوعِفَ مِنْهَا.
فتح المعين - (ج 2 / ص 299)
فصل: (في صوم التطوع) وله من الفضائل والمثوبة ما لا يحصيه إلا الله تعالى، ومن ثم أضافه تعالى إليه دون غيره من العبادات، فقال: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به. وفي الصحيحين: من صام يوما في سبيل الله، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا.
أسنى المطالب - (ج 5 / ص 383)
( بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ ) ( قَوْلُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ صَامَ يَوْمًا } إلَخْ ) وَفِي الْحَدِيثِ { كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ } وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَقْوَالٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ قَوْلًا مِنْ أَحْسَنِهَا أَنَّ الْعَمَلَ بَيْنَ ثَوَابِهِ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضَعْفِ إلَّا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لِلْعَبْدِ مِقْدَارٌ ثَوَابُهُ وَأَحْسَنُ مِنْهُ مَا نُقِلَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَعَلَّقُ خُصَمَاءُ الْمَرْءِ بِجَمِيعِ أَعْمَالِهِ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا الصَّوْمُ يَتَحَمَّلُ اللَّهُ تَعَالَى مَا بَقِيَ مِنْ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ لَكِنْ يَرُدُّهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ رَجُلًا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ ظَلَمَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَانْتَهَكَ عِرْضَ هَذَا وَيَأْتِي وَلَهُ صَلَاةٌ وَزَكَاةٌ وَصَوْمٌ قَالَ فَيَأْخُذُ هَذَا بِكَذَا إلَى أَنْ قَالَ وَهَذَا بِصَوْمِهِ } فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ فِي الْمَظَالِمِ .
قَالَ : وَالسَّبَب فِي اِخْتِصَاص الصَّوْم بِهَذِهِ الْمَزِيَّة أَمْرَانِ ، أَحَدهمَا : أَنَّ سَائِر الْعِبَادَات مِمَّا يَطَّلِع الْعِبَاد عَلَيْهِ ، وَالصَّوْم سِرّ بَيْن الْعَبْد وَبَيْن اللَّه تَعَالَى يَفْعَلهُ خَالِصًا وَيُعَامِلهُ بِهِ طَالِبًا لِرِضَاهُ ، وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ " فَإِنَّهُ لِي " . وَالْآخَر : أَنَّ سَائِر الْحَسَنَات رَاجِعَة إِلَى صَرْف الْمَال أَوْ اِسْتِعْمَال لِلْبَدَنِ ، وَالصَّوْم يَتَضَمَّن كَسْر النَّفْس وَتَعْرِيض الْبَدَن لِلنُّقْصَانِ ، وَفِيهِ الصَّبْر عَلَى مَضَض الْجُوع وَالْعَطَش وَتَرْك الشَّهَوَات ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ " يَدَع شَهْوَته مِنْ أَجْلِي " . قَالَ الطِّيبِيُّ : وَبَيَان هَذَا أَنَّ قَوْله " يَدَع شَهْوَته إِلَخْ " جُمْلَة مُسْتَأْنَفَة وَقَعَتْ مَوْقِع الْبَيَان لِمُوجِبِ الْحُكْم الْمَذْكُور ، وَأَمَّا قَوْل الْبَيْضَاوِيّ : إِنَّ الِاسْتِثْنَاء مِنْ كَلَامٍ غَيْر مَحْكِيّ ، فَفِيهِ نَظَر ، فَقَدْ يُقَال : هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ كُلّ عَمَل وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ اللَّه لِقَوْلِهِ فِي أَثْنَاء الْحَدِيث " قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَلَمَّا لَمْ يَذْكُرهُ فِي صَدْر الْكَلَام أَوْرَدَهُ فِي أَثْنَائِهِ بَيَانًا ، وَفَائِدَته تَفْخِيم شَأْنِ الْكَلَام وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْطِق عَنْ الْهَوَى .
تحفة الأحوذي - (ج 2 / ص 306)
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : قَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " مَعَ أَنَّ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا لَهُ وَهُوَ الَّذِي يَجْزِي بِهَا عَلَى أَقْوَالٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ عَشْرَةَ أَقْوَالٍ ثُمَّ قَالَ : وَأَقْرَبُ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا إِلَى الصَّوَابِ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي ، وَأَنَا أَذْكُرُ هَاهُنَا هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ ، وَمَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَى بَاقِيهَا فَلْيَرْجِعْ إِلَى الْفَتْحِ ، فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَقَعُ فِيهِ الرِّيَاءُ كَمَا يَقَعُ فِي غَيْرِهِ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِهِ : قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ كُلَّهَا لِلَّهِ وَهُوَ الَّذِي يَجْزِي بِهَا فَتَرَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ إِنَّمَا خَصَّ الصِّيَامَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَظْهَرُ مِنْ اِبْنِ آدَمَ بِفِعْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ فِي الْقَلْبِ ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيْسَ فِي الصِّيَامِ رِيَاءٌ " ، حَدَّثَنِيهِ شَبَابَةُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَذَكَرَهُ يَعْنِي مُرْسَلًا ، قَالَ : وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْحَرَكَاتِ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّمَا هُوَ بِالنِّيَّةِ الَّتِي تَخْفَى عَنْ النَّاسِ ، هَذَا وَجْهُ الْحَدِيثِ عِنْدِي اِنْتَهَى . قَالَ الْحَافِظُ : وَقَدْ رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ وَأَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَوْصُولًا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلَفْظُهُ : الصِّيَامُ لَا رِيَاءَ فِيهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ قَاطِعًا لِلنِّزَاعِ . قَالَ الْحَافِظُ : مَعْنَى النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ : " لَا رِيَاءَ فِي الصَّوْمِ " أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ بِفِعْلِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ بِالْقَوْلِ كَمَنْ يَصُومُ ثُمَّ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ صَائِمٌ فَقَدْ يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ ، فَدُخُولُ الرِّيَاءِ فِي الصَّوْمِ إِنَّمَا يَقَعُ فِي جِهَةِ الْإِخْبَارِ بِخِلَافِ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ الرِّيَاءَ قَدْ يَدْخُلُهَا بِمُجَرَّدِ فِعْلِهَا . وَثَانِيهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ : " وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " ، أَنِّي أَنْفَرِدُ بِعِلْمِ مِقْدَارِ ثَوَابِهِ وَتَضْعِيفِ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ فَقَدْ اِطَّلَعَ عَلَيْهَا بَعْضُ النَّاسِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَعْمَالَ قَدْ كَشَفَتْ مَقَادِيرَ ثَوَابِهَا لِلنَّاسِ وَأَنَّهَا تَضَاعَفَتْ مِنْ عَشْرَةٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةٍ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّ اللَّهَ يُثِيبُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ .
TENTANG ALLAH SENDIRI YANG MEMBALAS PUASA
FORUM KAJIAN FIQIH ONLINE
DI TELEGRAM
Tanggal 27 Juli 2018
Deskripsi Masalah :
KEISTIMEWAAN DAN KEDAHSYATAN PUASA
Hadits :
" كل عمل ابن آدم له إلّا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به "
"Seluruh amal anak cucu Adam untuknya kecuali puasa, sesungguhnya puasanya untukKU (Allâh), dan Aku (sendiri) yang akan membalasnya".
▪️Para Ulama' berbeda pendapat mengenai makna hadits ini, hingga lebih dari 50 pendapat.
▪️Imam Al-Subkiy rahimahullâh berkata :
Dari sekian banyak pendapat, yang paling bagus adalah pendapatnya Imam Sufyan bin 'Uyainah rahimahullâh, yakni :
Sesungguhnya besok pada hari kiamat, amal² seseorang berkaitan dengan para musuhnya (orang lain), kecuali (amal berupa) puasa. Orang lain tidak bisa turut campur dalam amal puasa seseorang. Seseorang yang punya hak adami terhadap orang lain, ia bisa membayar dan melunasinya dengan diambilkan dari (pahala) shalatnya, shadaqahnya, hajinya, dll, kecuali puasanya. Hingga ketika seorang (mukmin) sudah habis kebaikannya namun masih ada tersisa hak adami yang harus dia tanggung, Allâh ﷻ akan mengampuninya dan akan memasukkannya ke dalam Surga dengan Puasanya.
Murod bebas dari kitab Al-Fawâid Al-Mukhtârah, karya Al-'Allâmah Al-Habîb Zain bin Ibrâhim bin Sumaith, halaman 584-585, beliau menuqil dari kitab Mughnî Al-Muhtâj.
MâsyâAllâh...
اللهم تقبل منا صيامنا وصلاتنا * بجاه النبى صلى الله عليه وسلم
Pertanyaan :
1. Shoûm atau puasa yang dimaksud dalam hadits Nabi ﷺ tersebut khusus puasa Ramadlan atau puasa secara umum, memasukkan puasa sunnah juga?
Jawaban :
1. Umum, baik puasa wajib atau sunnah dan puasanya dilakukan dengan ikhlas.
Referensi jawaban no. 1 :
فتح الباري لابن حجر - (ج 6 / ص 129)
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى " الصِّيَام لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " مَعَ أَنَّ الْأَعْمَال كُلّهَا لَهُ وَهُوَ الَّذِي يَجْزِي بِهَا عَلَى أَقْوَال : أَحَدهَا أَنَّ الصَّوْم لَا يَقَع فِيهِ الرِّيَاء كَمَا يَقَع فِي غَيْره ، حَكَاهُ الْمَازِرِيّ وَنَقَلَهُ عِيَاض عَنْ أَبِي عُبَيْد ، وَلَفْظ أَبِي عُبَيْد فِي غَرِيبه : قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَعْمَال الْبِرّ كُلّهَا لِلَّهِ وَهُوَ الَّذِي يَجْزِي بِهَا ، فَنَرَى وَاللَّه أَعْلَم أَنَّهُ إِنَّمَا خَصَّ الصِّيَام لِأَنَّهُ لَيْسَ يَظْهَر مِنْ اِبْنِ آدَم بِفِعْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء فِي الْقَلْب . وَيُؤَيِّد هَذَا التَّأْوِيل قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَيْسَ فِي الصِّيَام رِيَاء " حَدَّثَنِيهِ شَبَابَة عَنْ عُقَيْل عَنْ الزُّهْرِيِّ فَذَكَرَهُ يَعْنِي مُرْسَلًا قَالَ : وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَعْمَال لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْحَرَكَاتِ ، إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّمَا هُوَ بِالنِّيَّةِ الَّتِي تَخْفَى عَنْ النَّاس ، وَهَذَا وَجْه الْحَدِيث عِنْدِي ، اِنْتَهَى . وَقَدْ رَوَى الْحَدِيث الْمَذْكُور الْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " مِنْ طَرِيق عُقَيْل ، وَأَوْرَدَهُ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الزُّهْرِيِّ مَوْصُولًا عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَإِسْنَاده ضَعِيف وَلَفْظه " الصِّيَام لَا رِيَاء فِيهِ . قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ قَاطِعًا لِلنِّزَاعِ . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَمَّا كَانَتْ الْأَعْمَال يَدْخُلهَا الرِّيَاء وَالصَّوْم لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ فِعْله إِلَّا اللَّه فَأَضَافَهُ اللَّه إِلَى نَفْسه ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَدِيث " يَدَع شَهْوَته مِنْ أَجْلِي " وَقَالَ اِبْنِ الْجَوْزِيّ : جَمِيع الْعِبَادَات تَظْهَر بِفِعْلِهَا وَقَلَّ أَنْ يَسْلَم مَا يَظْهَر مِنْ شَوْب ، بِخِلَافِ الصَّوْم . وَارْتَضَى هَذَا الْجَوَاب الْمَازِرِيّ وَقَرَّرَهُ الْقُرْطُبِيّ بِأَنَّ أَعْمَال بَنِي آدَم لَمَّا كَانَتْ يُمْكِن دُخُول الرِّيَاء فِيهَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِمْ ، بِخِلَافِ الصَّوْم فَإِنَّ حَالَ الْمُمْسِك شِبَعًا مِثْل حَالِ الْمُمْسِك تَقَرُّبًا يَعْنِي فِي الصُّورَة الظَّاهِرَة .
قَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير : التَّخْصِيص فِي مَوْضِع التَّعْمِيم فِي مِثْل هَذَا السِّيَاق لَا يُفْهَم مِنْهُ إِلَّا التَّعْظِيم وَالتَّشْرِيف . خَامِسهَا : أَنَّ الِاسْتِغْنَاء عَنْ الطَّعَام وَغَيْره مِنْ الشَّهَوَات مِنْ صِفَات الرَّبّ جَلَّ جَلَاله ، فَلَمَّا تَقَرَّبَ الصَّائِم إِلَيْهِ بِمَا يُوَافِق صِفَاته أَضَافَهُ إِلَيْهِ . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّ أَعْمَال الْعِبَاد مُنَاسِبَة لِأَحْوَالِهِمْ إِلَّا الصِّيَام فَإِنَّهُ مُنَاسِب لِصِفَةٍ مِنْ صِفَات الْحَقّ ، كَأَنَّهُ يَقُول إِنَّ الصَّائِم يَتَقَرَّب إِلَيَّ بِأَمْرٍ هُوَ مُتَعَلِّق بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِي . سَادِسهَا : أَنَّ الْمَعْنَى كَذَلِكَ ، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَلَائِكَة لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتهمْ . سَابِعهَا : أَنَّهُ خَالِصٌ لِلَّهِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهِ حَظٌّ ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ ، هَكَذَا نَقَلَهُ عِيَاض وَغَيْره ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْحَظِّ مَا يَحْصُل مِنْ الثَّنَاء عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْعِبَادَة رَجَعَ إِلَى الْمَعْنَى الْأَوَّل ، وَقَدْ أَفْصَحَ بِذَلِكَ اِبْنُ الْجَوْزِيّ فَقَالَ : الْمَعْنَى لَيْسَ لِنَفْسِ الصَّائِم فِيهِ حَظٌّ بِخِلَافِ غَيْره فَإِنَّ لَهُ فِيهِ حَظًّا لِثَنَاءِ النَّاس عَلَيْهِ لِعِبَادَتِهِ . ثَامِنِهَا : سَبَب الْإِضَافَة إِلَى اللَّه أَنَّ الصِّيَام لَمْ يُعْبَد بِهِ غَيْر اللَّه ، بِخِلَافِ الصَّلَاة وَالصَّدَقَة وَالطَّوَاف وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِمَا يَقَع مِنْ عُبَّاد النُّجُوم وَأَصْحَاب الْهَيَاكِل وَالِاسْتِخْدَامَات ، فَإِنَّهُمْ يَتَعَبَّدُونَ لَهَا بِالصِّيَامِ . وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ إِلَهِيَّة الْكَوَاكِب ، وَإِنَّمَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا فَعَّالَة بِأَنْفُسِهَا ، وَهَذَا الْجَوَاب عِنْدِي لَيْسَ بِطَائِلٍ ، لِأَنَّهُمْ طَائِفَتَانِ ، إِحْدَاهُمَا كَانَتْ تَعْتَقِد إِلَهِيَّة الْكَوَاكِب وَهُمْ مَنْ كَانَ قَبْل ظُهُور الْإِسْلَام ، وَاسْتَمَرَّ مِنْهُمْ مَنْ اِسْتَمَرَّ عَلَى كُفْره . وَالْأُخْرَى مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ فِي الْإِسْلَام وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَعْظِيم الْكَوَاكِب وَهُمْ الَّذِينَ أُشِيرَ إِلَيْهِمْ . تَاسِعهَا : أَنَّ جَمِيع الْعِبَادَات تُوَفَّى مِنْهَا مَظَالِم الْعِبَاد إِلَّا الصِّيَام ، رَوَى ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق إِسْحَاق بْن أَيُّوب بْن حَسَّان الْوَاسِطِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ : إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُحَاسِب اللَّه عَبْده وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَظَالِم مِنْ عَمَله حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ إِلَّا الصَّوْم ، فَيَتَحَمَّل اللَّه مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَظَالِم وَيُدْخِلهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّة . قَالَ الْقُرْطُبِيّ : قَدْ كُنْت اِسْتَحْسَنْت هَذَا الْجَوَاب إِلَى أَنْ فَكَّرْت فِي حَدِيث الْمُقَاصَّة فَوَجَدْت فِيهِ ذِكْر الصَّوْم فِي جُمْلَة الْأَعْمَال حَيْثُ قَالَ " الْمُفْلِس الَّذِي يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة بِصَلَاةٍ وَصَدَقَة وَصِيَام ، وَيَأْتِي وَقَدْ شَتَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا وَأَكَلَ مَالِ هَذَا " الْحَدِيث وَفِيهِ " فَيُؤْخَذ لِهَذَا مِنْ حَسَنَاته وَلِهَذَا مِنْ حَسَنَاته ، فَإِذَا فَنِيَتْ حَسَنَاته قَبْل أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتهمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّار " فَظَاهِرُهُ أَنَّ الصِّيَام مُشْتَرِك مَعَ بَقِيَّة الْأَعْمَال فِي ذَلِكَ .
قُلْت : مَعْنَى النَّفْي فِي قَوْله " لَا رِيَاء فِي الصَّوْم " أَنَّهُ لَا يَدْخُلهُ الرِّيَاء بِفِعْلِهِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَدْخُلهُ الرِّيَاء بِالْقَوْلِ كَمَنْ يَصُوم ثُمَّ يُخْبِر بِأَنَّهُ صَائِم فَقَدْ يَدْخُلهُ الرِّيَاء مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّة ، فَدُخُول الرِّيَاء فِي الصَّوْم إِنَّمَا يَقَع مِنْ جِهَة الْإِخْبَار ، بِخِلَافِ بَقِيَّة الْأَعْمَال فَإِنَّ الرِّيَاء قَدْ يَدْخُلهَا بِمُجَرَّدِ فِعْلهَا . وَقَدْ حَاوَلَ بَعْض الْأَئِمَّة إِلْحَاق شَيْء مِنْ الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة بِالصَّوْمِ فَقَالَ : إِنَّ الذِّكْر بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه يُمْكِن أَنْ لَا يَدْخُلهُ الرِّيَاء ، لِأَنَّهُ بِحَرَكَةِ اللِّسَان خَاصَّة دُون غَيْره مِنْ أَعْضَاء الْفَم ، فَيُمْكِن الذَّاكِر أَنْ يَقُولهَا بِحَضْرَةِ النَّاس وَلَا يَشْعُرُونَ مِنْهُ بِذَلِكَ . ثَانِيهَا أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " أَنِّي أَنْفَرِد بِعِلْمِ مِقْدَار ثَوَابه وَتَضْعِيف حَسَنَاته . وَأَمَّا غَيْره مِنْ الْعِبَادَات فَقَدْ اِطَّلَعَ عَلَيْهَا بَعْض النَّاس . قَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَعْمَال قَدْ كَشَفْت مَقَادِير ثَوَابهَا لِلنَّاسِ وَأَنَّهَا تُضَاعَف مِنْ عَشْرَة إِلَى سَبْعمِائَةِ إِلَى مَا شَاءَ اللَّه ، إِلَّا الصِّيَام فَإِنَّ اللَّه يُثِيب عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَقْدِير . وَيَشْهَد لِهَذَا السِّيَاق الرِّوَايَة الْأُخْرَى يَعْنِي رِوَايَة الْمُوَطَّأ ، وَكَذَلِكَ رِوَايَة الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِحِ حَيْثُ قَالَ " كُلّ عَمَل اِبْنِ آدَمِ يُضَاعَف الْحَسَنَة بِعَشْرِ أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائَةِ ضِعْف إِلَى مَا شَاءَ اللَّه - قَالَ اللَّه - إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " أَيْ أُجَازِي عَلَيْهِ جَزَاء كَثِيرًا مِنْ غَيْر تَعْيِين لِمِقْدَارِهِ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) اِنْتَهَى . وَالصَّابِرُونَ الصَّائِمُونَ فِي أَكْثَرِ الْأَقْوَال . قُلْت : وَسَبَقَ إِلَى هَذَا أَبُو عُبَيْد فِي غَرِيبه فَقَالَ : بَلَغَنِي عَنْ اِبْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِأَنَّ الصَّوْم هُوَ الصَّبْر لِأَنَّ الصَّائِم يُصَبِّر نَفْسه عَنْ الشَّهَوَات ، وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) اِنْتَهَى . وَيَشْهَد رِوَايَة الْمُسَيِّب بْن رَافِعِ عَنْ أَبِي صَالِحِ عِنْد سَمُّويَة " إِلَى سَبْعمِائَةِ ضِعْف ، إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَحَد مَا فِيهِ " وَيَشْهَد لَهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ اِبْنِ وَهْب فِي جَامِعِهِ عَنْ عُمَر بْن مُحَمَّد بْن زَيْد بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ جَدِّهِ زَيْد مُرْسَلًا ، وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَب " مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ عُمَر بْن مُحَمَّد عَنْ عَبْد اللَّه بْن مِينَاء عَنْ اِبْنِ عُمَر مَرْفُوعًا " الْأَعْمَال عِنْد اللَّه سَبْع " الْحَدِيث ، وَفِيهِ " وَعَمَل لَا يَعْلَم ثَوَاب عَامِلِهِ إِلَّا اللَّه " ثُمَّ قَالَ : وَأَمَّا الْعَمَل الَّذِي لَا يَعْلَم ثَوَاب عَامِلِهِ إلَّا اللَّه فَالصِّيَام ، ثُمَّ قَالَ الْقُرْطُبِيّ : هَذَا الْقَوْل ظَاهِر الْحُسْن ، قَالَ : غَيْر أَنَّهُ تَقَدَّمَ وَيَأْتِي فِي غَيْر مَا حَدِيث أَنَّ صَوْم الْيَوْم بِعَشْرَةِ أَيَّام ، وَهِيَ نَصّ فِي إِظْهَار التَّضْعِيف ، فَبَعُدَ هَذَا الْجَوَاب بَلْ بَطَلَ . قُلْت : لَا يَلْزَم مِنْ الَّذِي ذُكِرَ بُطْلَانه ، بَلْ الْمُرَاد بِمَا أَوْرَدَهُ أَنَّ صِيَام الْيَوْم الْوَاحِد يُكْتَب بِعَشْرَةِ أَيَّام ، وَأَمَّا مِقْدَار ثَوَاب ذَلِكَ فَلَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه تَعَالَى . وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا الْعُرْف الْمُسْتَفَاد مِنْ قَوْله " أَنَا أَجْزِي بِهِ " لِأَنَّ الْكَرِيم إِذَا قَالَ : أَنَا أَتَوَلَّى الْإِعْطَاء بِنَفْسِي كَانَ فِي ذَلِكَ إِشَارَة إِلَى تَعْظِيم ذَلِكَ الْعَطَاء وَتَفْخِيمه . ثَالِثهَا مَعْنَى قَوْله " الصَّوْم لِي " أَيْ أَنَّهُ أَحَبّ الْعِبَادَات إِلَيَّ وَالْمُقَدَّم عِنْدِي ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْل اِبْنِ عَبْد الْبَرّ : كَفَى بِقَوْلِهِ " الصَّوْم لِي " فَضْلًا لِلصِّيَامِ عَلَى سَائِر الْعِبَادَات . وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَغَيْره مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا " عَلَيْك بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْل لَهُ " لَكِنْ يُعَكِّر عَلَى هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح " وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْر أَعْمَالكُمْ الصَّلَاة " . رَابِعِهَا : الْإِضَافَة إِضَافَة تَشْرِيف وَتَعْظِيم كَمَا يُقَال بَيْت اللَّه وَإِنْ كَانَتْ الْبُيُوت كُلّهَا لِلَّهِ .
تحفة المحتاج في شرح المنهاج - (ج 14 / ص 66)
( بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ ) وَهُوَ مَا لَمْ يُفْرَضْ وَلِلصَّوْمِ مِنْ الْفَضَائِلِ وَالْمَثُوبَةِ مَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْ ثَمَّ أَضَافَهُ تَعَالَى إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ فَقَالَ { كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ } وَأَيْضًا فَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ أَعْظَمِ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ بَلْ أَعْظَمُهَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إخْبَارِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا قِيلَ إنَّ التَّبَعَاتِ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ يَرُدُّهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مَعَ جُمْلَةِ الْأَعْمَالِ فِيهَا وَبَقِيَ فِيهِ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ قَوْلًا لَا تَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ وَتَعَسُّفٍ نَعَمْ قِيلَ إنَّ التَّضْعِيفَ فِي الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ لَا يُؤْخَذُ ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا الَّذِي يُؤْخَذُ الْأَصْلُ وَهُوَ الْحَسَنَةُ الْأُولَى لَا غَيْرُ وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ إنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ الصَّادِقِ وَإِلَّا وَجَبَ الْأَخْذُ بِعُمُومِ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ أَخْذِ حَسَنَاتِ الظَّالِمِ حَتَّى إذَا لَمْ تَبْقَ لَهُ حَسَنَةٌ وَضَعَ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ فَإِذَا وَضَعَ عَلَيْهِ سَيِّئَاتِهِ فَأَوْلَى أَخْذُ جَمِيعِ حَسَنَاتِهِ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ صَارَ لَهُ وَمَحْضُ الْفَضْلِ جَارٍ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُعْتَقَدُ أَهْلِ السُّنَّةِ .
قُلْت : إِنْ ثَبَتَ قَوْل اِبْنِ عُيَيْنَةَ أَمْكَنَ تَخْصِيص الصِّيَام مِنْ ذَلِكَ ، فَقَدْ يُسْتَدَلّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَد مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ مُحَمَّد بْن زِيَاد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " كُلّ الْعَمَل كَفَّارَة إِلَّا الصَّوْم ، الصَّوْم لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَده عَنْ شُعْبَة عَنْ مُحَمَّد بْن زِيَاد وَلَفْظه " قَالَ رَبّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : كُلّ الْعَمَل كَفَّارَة إِلَّا الصَّوْم " وَرَوَاهُ قَاسِم بْن أَصْبَغَ مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ شُعْبَة بِلَفْظِ " كُلّ مَا يَعْمَلهُ اِبْن آدَم كَفَّارَة لَهُ إِلَّا الصَّوْم " وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي التَّوْحِيد عَنْ آدَم عَنْ شُعْبَة بِلَفْظٍ يَرْوِيه " عَنْ رَبِّكُمْ قَالَ : لِكُلِّ عَمَل كَفَّارَة وَالصَّوْم لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " فَحَذَفَ الِاسْتِثْنَاء ، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ غُنْدَر عَنْ شُعْبَة لَكِنْ قَالَ " كُلّ الْعَمَل كَفَّارَة " وَهَذَا يُخَالِف رِوَايَة آدَم لِأَنَّ مَعْنَاهَا إِنَّ لِكُلِّ عَمَل مِنْ الْمَعَاصِي كَفَّارَة مِنْ الطَّاعَات ، وَمَعْنَى رِوَايَة غُنْدَر كُلّ عَمَل مِنْ الطَّاعَات كَفَّارَة لِلْمَعَاصِي ، وَقَدْ بَيَّنَ الْإِسْمَاعِيلِيّ الِاخْتِلَاف فِيهِ فِي ذَلِكَ عَلَى شُعْبَة ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق غُنْدَر بِذِكْرِ الِاسْتِثْنَاء فَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى غُنْدَر ، وَالِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُور يَشْهَد لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ اِبْنِ عُيَيْنَةَ ، لَكِنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيح السَّنَد فَإِنَّهُ يُعَارِضهُ حَدِيث حُذَيْفَة " فِتْنَة الرَّجُل فِي أَهْله وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ يُكَفِّرهَا الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالصَّدَقَة " وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرّ فِي تَعْقِيب الْبُخَارِيّ لِحَدِيثِ الْبَاب بِبَابِ الصَّوْم كَفَّارَة وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث حُذَيْفَة ، وَسَأَذْكُرُ وَجْه الْجَمْع بَيْنهمَا فِي الْكَلَام عَلَى الْبَاب الَّذِي يَلِيه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . عَاشِرهَا : أَنَّ الصَّوْم لَا يَظْهَر فَتَكْتُبهُ الْحَفَظَة كَمَا تَكْتُب سَائِر الْأَعْمَال ، وَاسْتَنَدَ قَائِله إِلَى حَدِيث وَاهٍ جِدًّا أَوْرَدَهُ اِبْن الْعَرَبِيّ فِي " الْمُسَلْسَلَات " وَلَفْظه " قَالَ اللَّه الْإِخْلَاص سِرّ مِنْ سِرِّي اِسْتَوْدَعْته قَلْب مَنْ أُحِبّ لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ مَلَك فَيَكْتُبَهُ وَلَا شَيْطَان فَيُفْسِدهُ " وَيَكْفِي فِي رَدّ هَذَا الْقَوْل الْحَدِيث الصَّحِيح فِي كِتَابَة الْحَسَنَة لِمَنْ هَمَّ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَعْمَلهَا . فَهَذَا مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْوِبَة ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْض الْعُلَمَاء بَلَغَهَا إِلَى أَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَهُوَ الطَّالِقَانِيّ فِي " حَظَائِر الْقُدُس " لَهُ وَلَمْ أَقِف عَلَيْهِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالصِّيَامِ هُنَا صِيَام مَنْ سَلِمَ صِيَامه مِنْ الْمَعَاصِي قَوْلًا وَفِعْلًا . وَنَقَلَ اِبْن الْعَرَبِيّ عَنْ بَعْض الزُّهَّاد أَنَّهُ مَخْصُوص بِصِيَامِ خَوَاصّ الْخَوَاصّ فَقَالَ : إِنَّ الصَّوْم عَلَى أَرْبَعَة أَنْوَاع : صِيَام الْعَوَامّ وَهُوَ الصَّوْم عَنْ الْأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع ، وَصِيَام خَوَاصّ الْعَوَامّ وَهُوَ هَذَا مَعَ اِجْتِنَاب الْمُحَرَّمَات مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل ، وَصِيَام الْخَوَاصّ وَهُوَ الصَّوْم عَنْ غَيْر ذِكْر اللَّه وَعِبَادَته ، وَصِيَام خَوَاصّ الْخَوَاصّ وَهُوَ الصَّوْم عَنْ غَيْر اللَّه فَلَا فِطْرَ لَهُمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . وَهَذَا مَقَام عَالٍ لَكِنْ فِي حَصْر الْمُرَاد مِنْ الْحَدِيث فِي هَذَا النَّوْع نَظَر لَا يَخْفَى . وَأَقْرَب الْأَجْوِبَة الَّتِي ذَكَرْتهَا إِلَى الصَّوَاب الْأَوَّل وَالثَّانِي وَيَقْرُب مِنْهُمَا الثَّامِن وَالتَّاسِع . وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ فِي الْكَلَام عَلَى رِوَايَة الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِحٍ الَّتِي بَيَّنْتهَا قَبْل : لَمَّا أَرَادَ بِالْعَمَلِ الْحَسَنَات وَضَعَ الْحَسَنَة فِي الْخَبَر مَوْضِع الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى الْمُبْتَدَأ ، وَقَوْله " إِلَّا الصِّيَام " مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامٍ غَيْر مَحْكِيّ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْله ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَسَنَات يُضَاعَف جَزَاؤُهَا مِنْ عَشْرَة أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائَةِ ضِعْف إِلَّا الصَّوْم فَلَا يُضَاعَف إِلَى هَذَا الْقَدْر بَلْ ثَوَابه لَا يُقَدِّر قَدْره وَلَا يُحْصِيه إِلَّا اللَّه تَعَالَى ، وَلِذَلِكَ يَتَوَلَّى اللَّه جَزَاءَهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَكِلهُ إِلَى غَيْره .
وَيَشْهَدُ لِهَذَا السِّيَاقِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى يَعْنِي رِوَايَةَ الْمُوَطَّأِ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ حَيْثُ قَالَ : كُلُّ عَمَلِ اِبْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ ، قَالَ اللَّهُ : إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، أَيْ أُجَازِي عَلَيْهِ جَزَاءً كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِمِقْدَارِهِ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } اِنْتَهَى . وَالصَّابِرُونَ الصَّائِمُونَ فِي أَكْثَرِ الْأَقْوَالِ اِنْتَهَى مَا فِي الْفَتْحِ .
نهاية المحتاج - (ج 3 / ص 205)
(بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ) التَّطَوُّعُ: التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» وَالصَّحِيحُ تَعَلُّقُ الْغُرَمَاءِ بِهِ كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَتَخْصِيصُهُ بِكَوْنِهِ لَهُ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الرِّيَاءِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَقْوَالٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ قَوْلًا.
(قَوْلُهُ: التَّطَوُّعُ: التَّقَرُّبُ إلَخْ) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ) أَيْ الْجِهَادِ وَفِيهِ دَلَالَةُ فَضْلِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ) أَيْ فُرُوضِهَا وَسُنَنِهَا وَمَا ضُوعِفَ مِنْهَا.
فتح المعين - (ج 2 / ص 299)
فصل: (في صوم التطوع) وله من الفضائل والمثوبة ما لا يحصيه إلا الله تعالى، ومن ثم أضافه تعالى إليه دون غيره من العبادات، فقال: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به. وفي الصحيحين: من صام يوما في سبيل الله، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا.
أسنى المطالب - (ج 5 / ص 383)
( بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ ) ( قَوْلُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ صَامَ يَوْمًا } إلَخْ ) وَفِي الْحَدِيثِ { كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ } وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَقْوَالٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ قَوْلًا مِنْ أَحْسَنِهَا أَنَّ الْعَمَلَ بَيْنَ ثَوَابِهِ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضَعْفِ إلَّا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لِلْعَبْدِ مِقْدَارٌ ثَوَابُهُ وَأَحْسَنُ مِنْهُ مَا نُقِلَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَعَلَّقُ خُصَمَاءُ الْمَرْءِ بِجَمِيعِ أَعْمَالِهِ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا الصَّوْمُ يَتَحَمَّلُ اللَّهُ تَعَالَى مَا بَقِيَ مِنْ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ لَكِنْ يَرُدُّهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ رَجُلًا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ ظَلَمَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَانْتَهَكَ عِرْضَ هَذَا وَيَأْتِي وَلَهُ صَلَاةٌ وَزَكَاةٌ وَصَوْمٌ قَالَ فَيَأْخُذُ هَذَا بِكَذَا إلَى أَنْ قَالَ وَهَذَا بِصَوْمِهِ } فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ فِي الْمَظَالِمِ .
قَالَ : وَالسَّبَب فِي اِخْتِصَاص الصَّوْم بِهَذِهِ الْمَزِيَّة أَمْرَانِ ، أَحَدهمَا : أَنَّ سَائِر الْعِبَادَات مِمَّا يَطَّلِع الْعِبَاد عَلَيْهِ ، وَالصَّوْم سِرّ بَيْن الْعَبْد وَبَيْن اللَّه تَعَالَى يَفْعَلهُ خَالِصًا وَيُعَامِلهُ بِهِ طَالِبًا لِرِضَاهُ ، وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ " فَإِنَّهُ لِي " . وَالْآخَر : أَنَّ سَائِر الْحَسَنَات رَاجِعَة إِلَى صَرْف الْمَال أَوْ اِسْتِعْمَال لِلْبَدَنِ ، وَالصَّوْم يَتَضَمَّن كَسْر النَّفْس وَتَعْرِيض الْبَدَن لِلنُّقْصَانِ ، وَفِيهِ الصَّبْر عَلَى مَضَض الْجُوع وَالْعَطَش وَتَرْك الشَّهَوَات ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ " يَدَع شَهْوَته مِنْ أَجْلِي " . قَالَ الطِّيبِيُّ : وَبَيَان هَذَا أَنَّ قَوْله " يَدَع شَهْوَته إِلَخْ " جُمْلَة مُسْتَأْنَفَة وَقَعَتْ مَوْقِع الْبَيَان لِمُوجِبِ الْحُكْم الْمَذْكُور ، وَأَمَّا قَوْل الْبَيْضَاوِيّ : إِنَّ الِاسْتِثْنَاء مِنْ كَلَامٍ غَيْر مَحْكِيّ ، فَفِيهِ نَظَر ، فَقَدْ يُقَال : هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ كُلّ عَمَل وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ اللَّه لِقَوْلِهِ فِي أَثْنَاء الْحَدِيث " قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَلَمَّا لَمْ يَذْكُرهُ فِي صَدْر الْكَلَام أَوْرَدَهُ فِي أَثْنَائِهِ بَيَانًا ، وَفَائِدَته تَفْخِيم شَأْنِ الْكَلَام وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْطِق عَنْ الْهَوَى .
تحفة الأحوذي - (ج 2 / ص 306)
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : قَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " مَعَ أَنَّ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا لَهُ وَهُوَ الَّذِي يَجْزِي بِهَا عَلَى أَقْوَالٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ عَشْرَةَ أَقْوَالٍ ثُمَّ قَالَ : وَأَقْرَبُ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا إِلَى الصَّوَابِ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي ، وَأَنَا أَذْكُرُ هَاهُنَا هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ ، وَمَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَى بَاقِيهَا فَلْيَرْجِعْ إِلَى الْفَتْحِ ، فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَقَعُ فِيهِ الرِّيَاءُ كَمَا يَقَعُ فِي غَيْرِهِ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِهِ : قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ كُلَّهَا لِلَّهِ وَهُوَ الَّذِي يَجْزِي بِهَا فَتَرَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ إِنَّمَا خَصَّ الصِّيَامَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَظْهَرُ مِنْ اِبْنِ آدَمَ بِفِعْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ فِي الْقَلْبِ ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيْسَ فِي الصِّيَامِ رِيَاءٌ " ، حَدَّثَنِيهِ شَبَابَةُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَذَكَرَهُ يَعْنِي مُرْسَلًا ، قَالَ : وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْحَرَكَاتِ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّمَا هُوَ بِالنِّيَّةِ الَّتِي تَخْفَى عَنْ النَّاسِ ، هَذَا وَجْهُ الْحَدِيثِ عِنْدِي اِنْتَهَى . قَالَ الْحَافِظُ : وَقَدْ رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ وَأَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَوْصُولًا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلَفْظُهُ : الصِّيَامُ لَا رِيَاءَ فِيهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ قَاطِعًا لِلنِّزَاعِ . قَالَ الْحَافِظُ : مَعْنَى النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ : " لَا رِيَاءَ فِي الصَّوْمِ " أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ بِفِعْلِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ بِالْقَوْلِ كَمَنْ يَصُومُ ثُمَّ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ صَائِمٌ فَقَدْ يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ ، فَدُخُولُ الرِّيَاءِ فِي الصَّوْمِ إِنَّمَا يَقَعُ فِي جِهَةِ الْإِخْبَارِ بِخِلَافِ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ الرِّيَاءَ قَدْ يَدْخُلُهَا بِمُجَرَّدِ فِعْلِهَا . وَثَانِيهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ : " وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " ، أَنِّي أَنْفَرِدُ بِعِلْمِ مِقْدَارِ ثَوَابِهِ وَتَضْعِيفِ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ فَقَدْ اِطَّلَعَ عَلَيْهَا بَعْضُ النَّاسِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَعْمَالَ قَدْ كَشَفَتْ مَقَادِيرَ ثَوَابِهَا لِلنَّاسِ وَأَنَّهَا تَضَاعَفَتْ مِنْ عَشْرَةٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةٍ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّ اللَّهَ يُثِيبُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ .
Komentar
Posting Komentar
Harap berkomentar yang baik